قدْ عَلِمَتْ مَذْحِجُ عِلْماً لا خَطَلْ (١) |
|
أنّـي إذا القَرْنُ لَقيني لا وَكَلْ (٢) |
ولا جَزوعٍ عِنْدَها ولا نَكَلْ |
|
أرْوَعُ مِقْدامٍ إذا النَكْسُ (٣) فَشَلْ |
أضْرِبُ في القَوْمِ إذا جـاءَ الأجَـلْ |
|
وأعْتَلـي رَأْسَ الطِرِمّاحَ (٤) الْبَطَلْ |
بِالـذَكَـرِ (٥) تس البَـتَّارِ حَـتّـى يَنْـجَـدِلْ
[الرجـز]
وكان إبراهيم يقول لصاحب رايته : انغمس برايتك فيهم ، فيقول : لاأقدر على التقدّم ، فيقول له إبراهيم : بلى ، فيتقدّم فإذا تقدّم شدّ إبراهيم عليهم بسـيفه فلا يضرب رجلاً إلاّ صرعه ، وجعل إبراهيم يطرد الرجال بين يديه كالمِعزى ، وحمل أصحابه حملة رجل واحد ، واشـتدّ القتال حتّى صلّوا صلاة الظهر بالتكبير والإيماء ، وقتل من الفريقين قتلى كثيرة ، وانهزم أصحاب ابن زياد.
وكان أوّل من انهزم عُمير الذي وعد إبراهيم أن ينهزم ـ كما تقدّم ـ وإنّما قاتل أوّلاً حتّى يكون معذوراً ، وحمل إبراهيم على عبيـد الله بن زياد وهو لا يعرفه ، فضربه إبراهيم ضربة قدّه بها نصفـين ، وذهبت رجلاه في المشرق ويداه في المغرب ، وعجّل الله بروحه إلى النار.
فلمّا انهزم أصحاب ابن زياد قال إبراهيم : إنّي قتلت رجلاً تحت راية منفردة على شاطئ نهر الخازر فالتمسوه فإنّي شممت منه رائحة المسك ، شرّقت يداه وغرّبت رجلاه. فطلبوه فإذا هو ابن زياد قتيلاً بضربة إبراهيم ،
____________
(١) الخطل : الفاسد المضطرب.
(٢) الوَكـل : العاجز.
(٣) النكس : الرجل الضعيف.
(٤) الطرمّاح : العالي النسب المشهور.
(٥) الذكر : أيبس الحديد وأجوده.