يثب بالكوفة في المحرّم ، فجاء رجل من شِبام ـ حي من همدان ـ اسمه «عبـد الرحمن بن شريح» ـ وكان شريفاً ـ فاجتمع مع أربعة من الشيعة ، وقال لهم : إنّ المختار يريد أن يخرج بنا ، ولا ندري أرسله ابن الحنفيّة أم لا؟! فاتّفق رأيهم على أن يأتوا ابن الحنفيّة فإن أمرهم باتّباع المختار اتّبعوه ، وإن نهاهم عنه اجتنبوه ..
فأتوا المدينة وأخبروا ابن الحنفيّة بذلك ، فقال لهم : والله لوددت أنّ الله انتصر لنا من عدوّنا بمن شاء من خلقه.
فخرجوا من عنده وهم يقولون : قد أذن لنا ، ولو كره لقال : لا تفعلوا.
قال ابن نما ـ رحمه الله تعالى (١) ـ : وقد رويت عن والدي أنّ ابن الحنفيّة قال لهم : قوموا بنا إلى إمامي وإمامكم عليّ بن الحسين عليهما السلام. فلمّا دخلوا عليه وأخبره الخبر قال : يا عمّ! لو أنّ عبـداً زنجيّاً تعصّب لنا ـ أهل البيت ـ لوجب على الناس مؤازرته ، وقد ولّيتك هذا الأمر ، فاصنع ما شئت.
فخرجوا وهم يقولون : أذن لنا زين العابدين ومحمد بن الحنفية. انتهى (٢).
وروى المسعودي في مروج الذهب : إنّ المختار كتب إلى عليّ بن الحسين السجّاد ٨ يريده على أن يبايع له ويقول بإمامته ، ويظهر دعوته ، وأنفذ إليه مالاً كثيراً ، فأبى عليّ عليه السلام أن يقبل ذلك منه ، أو يجيبه عن كتابه ، وسـبّه على رؤوس الأشهاد ، فلمّا يئس المختار من عليّ بن الحسين عليه السلام كتب إلى محمّـد بن الحنفيّة بمثل ذلك ، فأشار عليه علي بن
____________
(١) ذوب النضار : ٩٦ ـ ٩٧.
(٢) تاريخ الطبري ٦ / ٧ ـ ١٤ ، الكامل في التاريخ ٤ / ٢١١ ـ ٢١٤ ، ذوب النضار : ٩٢ ـ ٩٧ ، بحار الأنوار ٤٥ / ٣٦٣ ـ ٣٦٥.