قائمة الکتاب

    إعدادات

    في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
    بسم الله الرحمن الرحيم

    المحرّر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز [ ج ٣ ]

    المحرّر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز [ ج ٣ ]

    188/552
    *

    وكان سلام الملائكة دعاء مرجوا ـ فلذلك نصب ـ وحيي الخليل بأحسن مما حيي وهو الثابت المتقرر ولذلك جاء مرفوعا.

    وقوله : (فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ) يصح أن تكون «ما» نافية ، وفي (لَبِثَ) ضمير إبراهيم وإن جاء في موضع نصب أي بأن جاء ، ويصح أن تكون «ما» نافية وإن جاء بتأويل المصدر في موضع رفع ب (لَبِثَ) أي ما لبث مجيئه ، وليس في (لَبِثَ) على هذا ضمير إبراهيم ، ويصح أن يكون «ما» بمعنى الذي وفي (لَبِثَ) ضمير إبراهيم ـ وإن جاء خبر «ما» أي فلبث إبراهيم مجيئه بعجل حنيذ ، وفي أدب الضيف أن يجعل قراه من هذه الآية.

    و «الحنيذ» بمعنى المحنوذ ومعناه بعجل مشوي نضج يقطر ماؤه ، وهذا القطر يفصل الحنيذ من جملة المشويات ، ولكن هيئة المحنوذ في اللغة الذي يغطى بحجارة أو رمل محمي أو حائل بينه وبين النار يغطى به والمعرض من الشواء الذي يصفف على الجمر ؛ والمهضب : الشواء الذي بينه وبين النار حائل ، يكون الشواء عليه لا مدفونا له ، والتحنيذ في تضمير الخيل هو أن يغطى الفرس بجل على جل لينتصب عرقه.

    وقوله تعالى : (فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ ...) الآية ، روي أنهم كانوا ينكتون بقداح كانت في أيديهم في اللحم ولا تصل أيديهم إليه ، وفي هذه الآية من أدب الطعام أن لصاحب الضيف أن ينظر من ضيفه هل يأكل أم لا؟

    قال القاضي أبو محمد : وذلك ينبغي أن يكون بتلفت ومسارقة لا بتحديد النظر ، فروي أن أعرابيا أكل مع سليمان بن عبد الملك ، فرأى سليمان في لقمة الأعرابي شعرة فقال له : أزل الشعرة عن لقمتك ، فقال له : أتنظر إلي نظر من يرى الشعر في لقمتي والله لا أكلت معك.

    و (نَكِرَهُمْ) ـ على ما ذكر كثير من الناس ـ معناه : أنكرهم ، واستشهد لذلك بالبيت الذي نحله أبو عمرو بن العلاء الأعشى وهو : [البسيط]

    وأنكرتني وما كان الذي نكرت

    من الحوادث إلا الشيب والصلعا

    وقال بعض الناس : «نكر» هو مستعمل فيما يرى بالبصر فينكر ، وأنكر هي مستعملة فيما لا يقرر من المعاني ، فكأن الأعشى قال : وأنكرتني مودتي وأدمتي ونحوه ، ثم جاء ب «نكر» في الشيب والصلع الذي هو مرئي بالبصر ، ومن هذا قول أبي ذؤيب : [الكامل]

    فنكرنه فنفرن وامترست به

    هو جاء هادية وهاد جرشع

    والذي خاف منه إبراهيم عليه‌السلام ما يدل عليه امتناعهم من الأكل ، فعرف من جاء بشر أن لا يأكل طعام المنزول به ، و (أَوْجَسَ) معناه أحس في نفسه خيفة منهم ، و «الوجيس» : ما يعتري النفس عند الحذر وأوائل الفزع ، فأمنوه بقولهم : (لا تَخَفْ) وعلم أنهم الملائكة ، ثم خرجت الآية إلى ذكر المرأة وبشارتها فقالت فرقة : معناه : (قائِمَةٌ) خلف ستر تسمع محاورة إبراهيم مع أضيافه ، وقالت فرقة : معناه (قائِمَةٌ) في صلاة ، وقال السد معناه (قائِمَةٌ) تخدم القوم ، وفي قراءة ابن مسعود : «وهي قائمة وهو جالس». وقوله