القوم وجماجمهم وعيونهم. وفلان ظهر فلان ، ولسان قومه ونابهم وعضدهم. وهذا كلام له ظهر وبطن. وفى العرب الجماجم ، والقبائل ، والأفخاذ ، والبطون ، وخرج علينا عنق (١) من الناس. وله عندى يد بيضاء ، وهذه سرّة الوادى ، وبابل عين الأقاليم ، وهذا أنف الجبل ، وبطن الوادى ، ويسمون النبات نوءا. قال (٢) :
وجف أنواء السّحاب المرتزق
أى جفّ البقل ، ويقولون للمطر : سماء. قال الشاعر (٣) :
إذا سقط السماء بأرض قوم |
|
رعيناه وإن كانوا غضابا |
ويقولون : ضحكت الأرض ، إذا أنبتت ؛ لأنها تبدى عن حسن النبات كما يفتر الضاحك عن الثغر ، ويقال : ضحكت الطلعة. والنور يضاحك الشمس.
قال الأعشى (٤) :
يضاحك الشمس منها كوكب شرق |
|
مؤزّر بعميم النبت مكتهل (٥) |
ويقولون : ضحك السحاب بالبرق ، وحنّ بالرعد ، وبكى بالقطر. ويقولون : لقيت من فلان عرق القربة ، أى شدة ومشقة. وأصل هذا أنّ حامل القربة يتعب من نقلها حتى يعرق. ويقولون أيضا : لقيت منه عرق الجبين ، والعرب تقول : بأرض فلان شجر قد صاح ؛ وذلك إذا أطال فتبين للناظر بطوله ، ودل على نفسه ؛ لأنّ الصائح يدل على نفسه. ويقولون : هذا شجر واعد ، إذا أقبل بماء ونضرة ؛ كأنه يعد بالثمر ؛ قال سويد بن أبى كاهل (٦) :
لعاع تهاداه الدكادك واعد (٧)
__________________
(١) العنق بالضم : الجماعة الكثيرة من الناس ، مذكر ، والجمع أعناق.
(٢) أراجيز العرب ٢٧ ، والقائل رؤبة. وفيه : أنواء الربيع.
(٣) معاهد التنصيص : ١ ـ ٢٦١ ، وهو لمعاوية بن مالك.
(٤) المعلقات : ٢٧٦.
(٥) يضاحك الشمس : يدور معها. والشرق : الريان. والعميم : التام. والمكتهل : الذى انتهى فى التمام.
(٦) اللسان (لعع) ، يصف ثورا وكلابا ، وصدره :
رعى غير مذعور بهن وراقه
(٧) اللعاع : نبات لين من أحرار البقول فيه ماء كثير لزج. والدكادك : واحده دكدك ، والدكدك من الرمل : ما التبد بعضه على بعض بالأرض ولم يرتفع كثيرا.