«وقرأ بعض أصحابنا
بحضرة أبى إسحاق «وقالوا مهما تأتنا من آية لتسحرنا فما نحن لك بمؤمنين ، فأرسلنا
عليهم الطوفان والجراد والقمّل والضفادع والدم آيات مفصلات» فقال رجل لأبى إسحاق
انظر كيف قرن الضفادع إلى الطوفان مع قوة الطوفان وغلبته ، قال أبو إسحاق الضفادع
أعجب فى هذا الموضوع من الطوفان ، وإذا أراد الله تعالى أن يصيّر الضفادع أضر من
الطوفان فعل» .
وقد شغل النظام
الحياة الفكرية فى حياته وبعد مماته ، وظل أثره على أعظم صورة لدى أكبر عدد من
مفكرى الإسلام ، ويبدو أثره النافذ أما بالأخذ عنه وأما بالهجوم عليه ، وأما
مدرسته المعتزلية فقد كانت أكبر مدرسة كلامية فى العالم الإسلامي .
ثانيا : الجاحظ
وإعجاز القرآن :
والجاحظ ليس بحاجة
إلى تعريف ، فهو علم من أعلام المعتزلة ، وأديب وناقد ومتكلم ، وضعه ابن المرتضى
فى الطبقة السابعة من طبقات المعتزلة .
وقد هدم دعاوى
المغرضين ، وأثبت إعجاز القرآن كلاما وبلاغة وله على البلاغة فضل لا ينكر.
وأنى لأرى أن جانب
هدم الدّعاوى خدم الأعجاز بصورة تتساوى مع الجهود التى بذلت فى الكشف عنه والإشارة
إلى مواطنه.
فاليهود يثيرون
مسألة الناسخ والمنسوخ للتشكيك فى الدين ويخبرنا الجاحظ عن النصارى بأنهم «يتبعون المتناقض من
أحاديثنا والضعيف بالأسناد من روايتنا والمتشابه من آى كتابنا ثم يخلون بضعفائنا
ويسألون عنها عوامّنا ، مع ما قد يعلمون من مسائل الملحدين والزنادقة والملاعين ،
وحتى مع ذلك ربما تجرءوا على علمائنا وأهل الأقدار منا ويشغبون على القوى ويلبسون
على الضعيف .. وبعد فلولا متكلمو النصارى وأطباؤهم ومنجّموهم ما صار إلى أغنيائنا
وظرفائنا ومجّاننا
__________________