يتساءل ابن حزم :
هل الإعجاز متماد أم قد ارتفع بتمام قيام الحجة فى حياة رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ ثم يعرض الآراء المؤيدة والمعارضة ، ويقول : قال جمهور
أهل الإسلام إن الاعجاز باق إلى يوم القيامة والآية بذلك باقية أبدا كما كانت وهذا
هو الحق الذى لا يحل القول بغيره .
ويسأل ثانية : ما
المعجز منه أنظمه أم فى نصه من الإخبار بالغيوب؟ ويجيب بأنه «قال بعض أهل الكلام
نظمه ليس معجزا وإنما إعجازه : ما فيه من الإخبار بالغيوب ، وقال سائر أهل الإسلام
بل كلا الأمرين ، معجز بنظمه وبما فيه من الأخبار بالغيوب ، وهذا هو الحق ، الذى
ما خالفه فهو ضلال ، وبرهان ذلك (فَأْتُوا بِسُورَةٍ
مِنْ مِثْلِهِ) [البقرة ـ ٢٣]
فكان تعالى على أنهم لا يأتون بمثل سورة من سوره ، وأكثر سوره ليس إخبار بغيب ،
فكان من جعل المعجز لأخبار الذى فيه بالغيوب مخالفا لما نص الله تعالى على أنه
معجز من القرآن فسقطت هذه الأقاويل الفاسدة. والحمد لله رب العالمين .
ويسأل : ما مقدار
المعجز منه؟ والأشعرية قالت ـ ومن وافقهم ـ «إن المعجز إنما هو مقدار أقل سورة منه
وهو (إِنَّا أَعْطَيْناكَ
الْكَوْثَرَ) [الكوثر ـ ١]
فصاعدا وإن ما دون ذلك معجز ، واحتجوا فى ذلك بقول الله تعالى (قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ) [يونس ـ ٣٨] قالوا
: ولم يتحدّ تعالى بأقل من ذلك. ثم أورد ابن حزم رأيه قائلا : وذهب سائر أهل
الإسلام إلى أن القرآن كلّه قليله وكثيره معجز ، وهذا هو الحق الذى لا يجوز خلافه .
وبعد أن صرف ابن
حزم جهده فى مناقشة الآراء الكلامية ، انصرف إلى :
الجانب البلاغى :
يقول ما وجه
إعجازه : ويجيب : قالت طائفة ، إعجازه كونه فى أعلى مراتب البلاغة ، وقالت طوائف :
إنما وجه إعجازه أن الله منع الخلق من القدرة على
__________________