بل نقرأ ما هو
أقرب شبها بكلام الجرجانى ، وهو حديث الآمدى فى موازنته ، يقول : «التقرير على
ضربين تقرير للمخاطب على فعل قد مضى أو على فعل هو فى الحال ليوجب المقرر ذلك
ويحققه ، ويقتضى من المخاطب فى الجواب الاعتراف به ، نحو ، هل أكرمتك ، هل أحسنت
إليك .... وتقرير على فعل يدفعه المقرر وينبغى أن يكون قد دفع نحو قوله : هل عرفت
منى غير الجميل .
وكما وجدت نظرية
النظم فى بيئة النحويين واللغويين والبلاغيين ، وجدت أيضا فى بيئة الأصوليين وهم
أصحاب الصنعة القانونية فى فهمهم للشّرع الإسلامى من القرآن واستخراج أصول التشريع
من عباراته. وحاجتهم فى ذلك إلى القواعد المسعفة على هذا الفهم والاستخراج ، قوية وهم يقدمون مدخلا لبحوثهم فيه تعريف بالقرآن وتواتره
وإعجازه ثم عنه أهو لفظ أم معنى أم هما معا ثم عن عربيته وعن بيانه ثم ينتقلون إلى
الأحكام التى اشتمل عليها القرآن ونراهم يسمون هذا المدخل المبادئ اللغوية يلمون فيها
بأبحاث لغوية وصرفية واشتقاقية ونحوية بيانية ، وقد عرضوا فى مبادئهم اللغوية
للبحث فى الحقيقة والمجاز والتشبيه والكناية وما إلى ذلك من أبحاث علم البيان
المعروفة ، كما تحدثوا عن اشياء مما يتصل ببحث أجزاء الجملة ، فى علم المعانى ففي
حديثهم عن العموم والخصوص عرضوا للتنكير والتعريف واستغراق الجمع والحصر ونحوه كما
تحدثوا عما يمت إلى هذه المباحث اللفظية بصلة قوية من القول فى الترادف والاشتراك
والتواطؤ ... الخ ويحدثنا الأستاذ أمين الخولى بأن تعرّض الأصوليين للمسائل
البلاغية من المعانى والبيان قد انتهى بهم إلى تناول نواح لم يستوفها أصحاب
البلاغة أنفسهم ..» .
__________________