الذي يتخذه الإنسان من عدوه ، في عدم الاستسلام له ، وعدم الاسترخاء أمامه.
وإذا غفر الإنسان لقريبه ، فإن الله قد يغفر له إذا أصلح أمره ، ولم يمتدّ به الانحراف بعيدا.
وربما كان الإيحاء بالمغفرة والرحمة الإلهية لمن عفا وغفر للمذنبين معه ، بمعنى أن الله يجزي الذين يمارسون العفو عمن أساء إليهم بعفوه عنهم.
وربما كان ذلك على أساس تخفيف وقع استحباب المغفرة والصفح والعفو عن هؤلاء الذين ظهرت عداوتهم في أكثر من موقع ، وذلك بالإيحاء بأن هذه هي صفات الله ، والتي تمثل القيمة العليا في أخلاق الإنسان العملية.
وقد جاء في تفسير القمي في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر ـ محمد ابن علي الباقر ـ عليهالسلام في قوله تعالى : (إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ) وذلك أن الرجل إذا أراد الهجرة تعلق به ابنه وامرأته وقالوا : ننشدك الله أن لا تذهب عنا فنضيع بعدك ، فمنهم من يطيع أهله فيقيم ، فحذرهم الله أبناءهم ونساءهم ونهاهم عن طاعتهم ، ومنهم من يمضي ويذرهم ويقول : أما والله لئن لم تهاجروا معي ثم جمع الله بيني وبينكم في دار الهجرة لا أنفعكم بشيء أبدا.
فلما جمع الله بينه وبينهم ، أمر الله أن يتوقّى بحسن وصله لهم فقال : (وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (١).
* * *
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ١٩ ، ص : ٣٢٣.