يريدونه من الناس من عبادتهم لهم ، أو في ما قاموا به من سيّئات في موقفهم من الله ، ولا يغنون عن غيرهم ممن كانوا يعبدونهم شيئا ، لأن الله هو الذي يريد أن يعذبهم فكيف ينصرونهم من الله ، (وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) يتناسب مع جريمة الكفر والشرك التي لا يغفرها الله للسائرين فيها.
* * *
شكر نعم الله العظيمة
(هذا) القرآن الذي أنزله الله على رسوله (هُدىً) يهتدي به من يأخذون فكره عقيدة يؤمنون بها ، وشريعته نهجا يلتزمون به ، ومفاهيمه خطا يسيرون عليه (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ) وهم الضالون الذين يمنعهم كفرهم من الاستقامة على الخط المؤدي إلى النجاة (لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ) وهو العذاب الشديد الذي يضطرب أهله من جراء قساوة الآلام التي يعانونها.
(اللهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) ليسهل لكم بلوغ غاياتكم وتحصيل أرزاقكم ، ومواقع حاجاتكم ، التي لا تستطيعون بلوغها بدون ذلك (وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) هذه النعمة العظيمة ، أولا بالتفكير الجادّ الواعي بما هيأه لكم من وسائل تحققت لفضلها تلك النعمة منها قوانين البحر وحركة الرياح ، وإبداع الفلك ، وذلك الفكر الذي ألهمكم إياه ، وثانيا بالالتزام بأمر الله ونهيه ، كشاهد على الانسجام مع الإيمان بألوهيته ووحدانيته.
(وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ) فقد جعل الله لكم من الشمس والقمر والنجوم والرياح والمطر والأرض التي تنتج الغذاء والحيوان الذي هيّأ لكم وسائل السيطرة عليه ، والانتفاع به في مختلف المنافع ، من الركوب والشراب والأكل ونحوها وغير ذلك مما لا يمكن إحصاؤه من نعم الله المتناثرة في الكون كله ، التي لولاها لما تمكن الإنسان من الاستمرار في الحياة ، فمنه كان الخلق ، ومنه كان العطاء ، ومنه كانت الرحمة التي امتدت