وقيل : هو الأمر المحبوب فيقبل الانطباق على جلّ الأقوال السابقة أو كلها» (١). ويطرح صاحب تفسير الميزان ـ بعد عرضه هذه الأقوال ـ رأيا خاصا يستوحيه من مجمل الآيات السورة ، ليضع الآية في موقعها الحركي في السورة فيقول : «والذي يعطيه التدبر في سياق آيات السورة هو أن تكون الآية تصريحا بما كانت القصة المسرودة في أوّل السورة تلوّح إليه ، ثم الآيات التالية لها تؤيّده.
فإنه تعالى ، أورد قصة بني إسرائيل وموسى عليهالسلام في أوّل السورة ، ففصل القول في أنه كيف منّ عليهم بالأمن والسلام والعزّة والتمكن بعد ما كانوا أذلّاء مستضعفين بأيدي آل فرعون يذبّحون أبناءهم ويستحيون نساءهم ، وقد كانت القصة تدل بالالتزام ومطلع السورة يؤيّده ، على وعد جميل للمؤمنين أن الله سبحانه سينجيهم مما هم عليه من الفتنة والشدّة والعسرة ، ويظهر دينهم على الدين كله ، ويمكنهم في الأرض بعد ما كانوا ، لا سماء تظلّهم ولا أرض تقلّهم.
ثم ذكر بعد الفراغ من القصة ، أنّ من الواجب في الحكمة أن ينزل كتابا يهدي الناس إلى الحق تذكرة وإتماما للحجة ليتقوا بذلك من عذاب الله ، كما نزّله على موسى بعد ما أهلك القرون الأولى ، وكما نزّل على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وإن كذبوا به عنادا للحق ، وإيثارا للدنيا على الآخرة.
وهذا السياق يرجّي السامع أنه ـ تعالى ـ يستعرض صريحا لما أشار إليه في سرد القصة تلويحا ، فإذا سمع قوله (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) لم يلبث دون أن يفهم أنه هو الوعد الجميل الذي كان يترقبه ، وخاصة مع الابتداء بقوله : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ) وقد قدّم تنظير التوراة بالقرآن ، وقد كان ما قصه في إنجاء بني إسرائيل مقدّمة
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ١٦ ، ص : ٨٨.