وما كـنت أحسـب أنّ واحداً من الناس ـ حتّى ممّن عرقت فيه هند أو سـميّة ـ يجـترىَ بكذبه ، ويسوّد وجه المطبوعات بقوله في شأن الحسـين عليه السلام : «فاعتبره يزيدـالخليفة الاَُموي ، القائم بالاَمر وقتئذٍ ـ ثائراً ، فوجّه إليه جيشاً هزمه وقتله»!!
ليت الكاتب يقول : إنّ يزيد خليفة مَن؟؟!!
ومتى قام بالاَمر؟!
ومتى طُرحت حكومته أمام الجمهور؟!
ومتى رضي به المسلمون؟!
أليس أوّل ما مات معاوية ، وأراد أن يتسلّق إلى الزعامة الجائرة ، قامت عليه قيامة المسلمين من ها هنا وها هنا ، كما يشهد به التاريخ في أسباب وقعة كربلاء ، ووقعة الحرّة ، ووقعة هدم الكعبة؟!
ألَم يكن الحسـين قد حبس يده الكريمة ـ في جملة النـاس ـ عن البيعة الجائرة ، وخرج من المدينة كما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من مكّة ، وأَمَّ الكوفة كما أَمَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المدينة؟!
ولكن لمّا استفحل الجور والاستبداد ، فوهن لذلك المس ـ تغيثون به ، وغدروا به ، جاشَ عليه الجيش العرمرم (١) في كربلاء ، وهو في ثلّة يسيرة
____________
أَنِستُ بهم سهلَ القِفارِ ووَعرَها |
|
فما راعني منهنَّ سهلٌ ولا وَعْرُ |
انظر : شعراء الغريّ ٢ / ٤٤٤ ـ ٤٤٩ ، كشف الاَستار : ٢٦٣ ـ ٢٦٨.
(١) جاشَت القِدر : إذا بدأت تغلي ولم تَغْلِ بعد ، أو إذا غَلَت ، وكذلك الصدر إذا لم يقدر صاحبه على حبس ما فيه .. وكلّ شيء يغلي فهو يجيش ، حتّى الهَمّ والغُصّة في الصدر.
وجاشَ البحرُ جيشاً : هاجَ فلم يُسْتَطَع ركوبُه.