هؤلاء العلماء في ظلّ الدولة الحمدانيّة وبحمايتها بنشر علوم ومعارف أهل البيت عليهم السلام ، ولعلّ من المناسب هنا أن ننقل مورداً بهذا الخصوص ..
كتب الذهبي عن الحسن بن أحمد بن صالح السبيعي ، نقلاً عن قول ابن أُسامة الحلبي ما يلي :
لو لم يكن للحلبيّـين من الفضيلة إلاّ أبو محمّـد السبيعي لكفاهم ، كان وجيهاً عند سيف الدولة ، وكان يزوره في داره ، وصنّف له كتاب التبصرة في فضيلة العترة المطهّرة ، وكان في العامّة له سوقٌ ، وهو الذي وق ـ ف حمام السـبيعي على العلويّـين ، توفّي السـبيعي في سابع عشر من ذي الحجّـة [من سنة ٣٧١ هـ] (١).
وفي هذه العبارة يمكن ملاحظة خطوات عديدة من أجل نشر وترويج التشيّع في هذه المدينة.
من المحتمل أنّ محلّة سكنى الشيعة الرئيسية في المدينة ـ ولا تزال إلى اليوم يسكنها الشيعة ـ هي المحلّة الواقعة على أطراف مشهد الدكة ، أو محل مرقد السـيد محسن بن الحسين ابن الإمام علي بن الحسين عليه السلام ، وهو المكان الذي يبعد ٢٠٠ متر عن موضع رأس الحسين عليه السلام ، ومن محاسن الصدف أن تكون معلوماتنا الأوليّة عن هذين المشهدين هي ما ثبّته ابن أبي طيّ ، وحفظت بواسطة ابن شـداد (ت ٦٨٤ هـ).
ذكر ابن شـداد ـ قبل أن ينقل كلام ابن أبي طيّـانّ سبب تسمية هذا الموضع بمشهد الدكّة ، هو أنّ سيف الدولة الحمداني كان له على الجبل المشرف على هذا الموضع دكّة يجلس عليها وينظر إلى النهر الجاري تحت
____________
(١) تاريخ الإسلام السنوات ٣٥١ ـ ٣٨٠ / ٤٩٥.