المتصل بعضها ببعض ، والتفرقة بين الأمور المندمجة كلّ منها في آخر. وقد أوضح ذلك بقوله: «وعلى هذا فكون آيات الكتاب محكمة أوّلا ثم مفصلة ثانيا ، معناه أن الآيات الكريمة القرآنية على اختلاف مضامينها ، وتشتت مقاصدها وأغراضها ، ترجع إلى معنى واحد بسيط وغرض فارد أصلي لا تكثّر فيه ، ولا تشتت ، بحيث لا تروم آية من الآيات الكريمة مقصدا من المقاصد ، ولا ترمي إلى هدف إلا والغرض الأصلي هو الروح الساري في جثمانه ، والحقيقة المطلوبة منه.
فلا غرض لهذا الكتاب الكريم على تشتت آياته وتفرّق أبعاضه إلا غرض واحد متوحد ، إذا فصّل كان في مورد أصلا دينيا ، وفي آخر أمرا خلقيا ، وفي ثالث حكما شرعيا ، وهكذا كلّ ما تنزّل من الأصول إلى فروعها ، ومن الفروع إلى فروع الفروع لم يخرج من معناه الواحد المحفوظ ، ولا يخطئ غرضه ، فهذا الأصل الواحد بتركبه يصير كل واحد واحدا من أجزاء تفاصيل العقائد والأخلاق والأعمال ، وهي بتحليلها وإرجاعها إلى الروح الساري فيها الحاكم على أجسادها تعود إلى ذاك الأصل الواحد.
فتوحيده تعالى بما يليق بساحة عزه وكبريائه ـ مثلا في مقام الاعتقاد ـ هو إثبات أسمائه الحسنى وصفاته العليا ، وفي مقام الأخلاق هو التخلّق بالأخلاق الكريمة من الرضى ، والتسليم ، والشجاعة ، والعفة ، والسخاء ، ونحو ذلك ، والاجتناب عن الصفات الرذيلة ، وفي مقام الأعمال والأفعال الإتيان بالأعمال الصالحة ، والورع عن محارم الله» (١).
* * *
__________________
(١) م. س. ، ج : ١٠ ، ص : ١٣٠ ـ ١٣١.