تتأتّى للإنسان العادي ، ما لم يكن بينه وبين الله قرابة عضويّة ، أمّا كيف كانت الصورة لدى هؤلاء بالذات ، وهم يرون أنه ابن شخص معيّن ، عاشوا معه وعاينوه ، فيمكن أن تكون مرتبطة بالجانب الروحي للشخص الذي يمثّل حالة من الغيب الخفيّ الكامن في داخل الذات الذي يوحي إليهم بأجواء ضبابيّة في التصور والشعور والتخييل الذي يحملهم إلى آفاق الأسطورة والخيال. وقد نجد أمثال ذلك في الأجواء الشعوريّة الداخليّة التي يختزنها الكثيرون من الناس في أنفسهم في تقديسهم للشخصيات الكبيرة الناجحة ، فيدفعهم ذلك إلى لون من التقديس والغلوّ في التقييم ، حتى لتشعر ـ وأنت تتطلع إلى طريقتهم في المدح والثناء ـ أنهم يعيشون الحيرة في الطريقة التي يستطيعون التعبير من خلالها عن عظمته ، فيقفزون من لقب إلى لقب ، فإذا شعروا أن هذا لا يعبّر عن حقيقة العظمة لديه ، انتقلوا إلى الدخول في فرضيّات لما تشتمل عليه ذاته من أسرار ملكوتيّة ونفحات قدسيّة وفيوضات ربّانية ، تصعد به إلى أجواء سماويّة غامضة لا أفق لها إلا أنها تمثل التعبير عن مشاعر العظمة والتقديس التي تبرّر كل شيء. وهذا هو السرّ في كثير من حالات الغلوّ في الشخص العظيم.
* * *
تأليه المسيح
(وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ) بسبب ما شاهدوه من الخوارق للعادة في معجزاته ، فلم يعتبروها مظهرا للّطف المرتبط بحركة الرسالة في مواجهة التحدي ، بل اعتبروها امتيازا ذاتيا يستمدّ قوته ومعناه من العلاقة العضوية بالله ، بالمعنى الجسديّ ، على بعض المعاني ، وبالمعنى الروحي على البعض الآخر.
وقد لا يكون هذا القول لليهود والنصارى ، ظاهرة شاملة في الجميع ، بل ربما كان حالة محدودة في بعض الأشخاص والمراحل ، وإنما ينسبها الله