إن الواجبات كلها
معلوم وجوبها بالشرع. وقالوا فيمن كان وراء السد أو في قطر من الأرض ولم تبلغه
دعوة الإسلام ينظر فيه فإن اعتقد الحق في العدل والتوحيد وجهل شرائع الأحكام
والرسل فحكمه حكم المسلمين وهو معذور فيما جهله من الأحكام لأنه لم يقم به الحجة
عليه. ومن اعتقد منهم الإلحاد والكفر والتعطيل فهو كافر بالاعتقاد وينظر فيه فإن
كان قد انتهت إليه دعوة بعض الأنبياء عليهمالسلام فلم يؤمن بها كان مستحقا للوعيد على التأبيد. وإن لم تبلغه
دعوة شريعة بحال لم يكن مكلفا ولم يكن له في الآخرة ثواب ولا عقاب فإن عذبه الله
في الآخرة كان ذلك عدلا منه ولم يكن عقابا له كما إن إيلام الأطفال والبهائم في
الدنيا عدل من الله تعالى وليس بعقاب لهم على شيء. وإن أنعم عليه في الآخرة فهو
فضل منه وليس بثواب له على الطاعة كما إن إدخاله ذراري المسلمين الجنة فضل منه
وليس بثواب على طاعة وإن كان هذا الذي لم تبلغه دعوة الإسلام غير معتقد كفرا ولا
توحيدا فليس بمؤمن ولا كافر فإن شاء الله عذبه في الآخرة عدلا وإن شاء أنعم عليه
فضلا. وليس لأحد لقي أحدا لم تبلغه الدعوة قتله حتى تقوم الحجة عليه فإن قتله فقد
قال أهل العراق لا دية عليه. وأوجب عليه الشافعي رضي الله عنه دية مع الكفّارة.
فإن كان على شريعة لأهل الذمة فديته دية ذمي وإن لم يكن على شرع ما فقد قيل [فيه
دية مسلم] وقيل فيه بأقل الديات وهو دية مجوسي في قول الشافعي وأصحابه.
المسألة التاسعة من
هذا الأصل
في بيان من يقطع
بإيمانه من أهل الإيمان
أجمع أصحابنا على
القطع بإيمان الملائكة والأنبياء عليهمالسلام وعلى أن كل واحد منهم مختوم له بالإيمان يوافي ربه عزوجل به ويكون معصوما عن التبديل والكفر والنفاق. وقالوا في
هاروت وماروت إنهما كانا ملكين وتابا عن ذنبهما وسيختم لهما بالسعادة إن شاء الله.
وأبطلوا قول من زعم إنهما كانا علجين من بابل لأنهما مذكوران في القرآن بأنهما
ملكان. وقالوا بأن العشرة من أهل بيعة الرضوان كلهم من أهل الجنة. وكذلك كل من شهد
بدرا مع النبي صلىاللهعليهوسلم. وكذلك