النار. واختلفوا في الأعضاء المقطوعة من الإنسان فقال أصحابنا إنها في الآخرة مردودة على أصحابها. واختلفت القدرية في هذا فقال منهم عباد بن سليمان بمثل قولنا. ومنهم من قال : يد المؤمن التي قطعت في حال كفره قبل الإيمان لمن مات كافرا بعد قطع يده مؤمنا ويجعل يد هذا لذلك على البدل فإن لم يتفق البدل في ذلك جعلت يد الذي قطعت يده مؤمنا ثم كفر زيادة في جسم مؤمن مات مؤمنا لا على أن يكون يدا ثالثة له ولكن زيادة في بدنه وكذلك يد قطعت من كافر ثم أسلم يصير زيادة في جسم كافر مات على كفره. هذا قول الكعبي وكذلك قوله فيما سقط بالهزال. وقال أبو هاشم ابن الجبائي يجوز أن يعاد له تلك اليد بعينها ويجوز إبدالها بغيرها لأنه لا معتبر بالأطراف وإنما الواجب أن يعاد منه القدر الذي لا يبقى حيّا دونه. وإلى هذا القول ذهب بعض الكرّامية وهو المعروف منهم بالمازني. وقال بعضهم : إنما يجب إعادة ما هو أصل بنيته فأما الزيادة فإنما تعاد من باب الأولى إذا لم يكن سبب مانع ، فأما إن كان سبب مانع ، كأن يكون قد اتصل بجسم حيوان آخر فصار بعضا له ، جاز أن يعاد في أحدهما دون الآخر وجاز أن يعاد في واحد منهما. وأرادت هذه الطائفة من الكرّامية بأصل البنية الجزء الذي قال في الذر الأول بلى وحكاية هذه البدعة تغني عن نقضها لوضوح فسادها.
المسألة الثامنة من هذا الأصل
في بيان حكم من لم يبلغه دعوة الإسلام
الكلام في هذه المسألة مبني على الخلاف في وجوب المعارف العقلية. فمن زعم إنها ضرورية ، قال فيمن لم تبلغه دعوة الإسلام : إن كان قد عرف توحيد ربه وصفاته وعدله وحكمته بالضرورة فحكمه حكم المسلمين وهو معذور في جهله بالنبوة وأحكام الشريعة وإن لم يعرف التوحيد وعدل الصانع بالضرورة فلا تكليف عليه وليس له في الآخرة ثواب ولا عذاب. ومن ذهب إلى أن الواجب من المعارف العقلية مكتسب اختلفوا فيمن لم تبلغه الدعوة : فزعمت المعتزلة من هذه الفرقة أن من كمل عقله واعتقد الحق في العدل والتوحيد فهو معذور في جهله بالرسل والشرائع ومن زاغ منهم عن اعتقاد الحق فهو كافر مستحق للوعيد. وقال أصحابنا :