المسألة الثانية من هذا الأصل
في تفصيل الركن الأول من أركان الإسلام
(اعلموا (١)) إن الركن الأول من أركان الإسلام ، كما ورد به الخبر ، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. ولهذه الشهادة شروط منها أنها لا تقبل ولا يثاب عليها صاحبها إلا إذا عرف صحتها وقالها عن معرفة وتصديق لها بالقلب. فأما إذا أطلقها المنافق الذي يعتقد خلافها فإنه لا يكون عند الله مؤمنا ولا ناجيا من عقاب الآخرة. وإنما يجري عليه في الظاهر حكم الإسلام في سقوط الجزية عنه وفي دفنه في مقابر المسلمين وفي الصلاة عليه وخلفه في الظاهر. هذا كله إذا لم يظهر مع نفاقه الباطن بدعة شنعاء فإن أظهر بدعة نظر فإن كانت بدعته كبدعة القرامطة الباطنية وكبدعة الغلاة من الرافضة الحلولية فإنه مرتد يقتل ولا يصلى عليه ويكون ماله فيئا للمسلمين. وإن كانت بدعته كبدعة القدرية فإن المتكلمين من أصحابنا قالوا بانقطاع التوارث بينهم وبين أهل السنة ولذلك امتنع الحارث المحاسبي (٢) عن غنم ميراث أبيه لأن أباه كان معتزليا. وقال الفقهاء من أصحابنا أن قريبه (٣) [وارثه] السني يرث منه كما أن أهل الذمة يرث بعضهم بعضا مع اختلافهم في الأديان. وأجمع الفقهاء والمتكلمون من أصحابنا على أنه لا يصح الصلاة خلف المعتزلي ولا عليه ولا يحل أكل ذبيحته ولا رد السلام عليه ورأوا (٤) في ذلك قول عبد الله بن عمر في النهي عن ذلك وفي براءته من القدرية. وزعمت الكرّامية أنّ المنافق المضمر الشرك مؤمن حقا وأنّ إيمانه كإيمان جبرائيل وميكائيل والأنبياء أجمعين. والكلام عليهم في ذلك يأتي في باب الإيمان.
__________________
(١) زيدت على المطبوع لسياق النص.
(٢) هو الحرث بن أسد المحاسبي الزاهد الناطق بالحكمة صاحب المصنفات في التصرف والأحوال ، قال ابن الأهدل : كان أحد الخمسة الجامعين بين العلمين في واحد هو والجنيد وأبو محمد وأبو العباس بن عطاء وعمرو بن عثمان المكي وله مصنفات نفيسة في السلوك والأصول ، وهو احد شيوخ الجنيد ، توفي سنة ثلاث وأربعين ومائتين للهجرة.
(٣) [وارثه].
(٤) [ورووا].