المسألة الأولى من
هذا الأصل
في معنى النبوة
والرسالة
النبي في اللغة
مهموز وغير مهموز. فالمهموز مأخوذ من النبأ الذي هو الخبر. وغير المهموز يحتمل
وجهين :
أحدهما : التخفيف بإسقاط همزته.
والثاني : أن يكون من النبوة التي هي الرفعة. وهي ما ارتفع من الأرض. وكذلك
النباوة ما ارتفع من الأرض. ويقال : نبا الشيء إذا ارتفع. فالنبي على هذا هو
الرفيع المنزلة عند الله تعالى. والرسول هو الذي يتتابع عليه الوحي ، من رسل اللبن
إذا تتابع درّه. وكل رسول الله عزوجل نبي وليس كل نبي رسولا له. والفرق بينهما أن النبي من أتاه
الوحي من الله عزوجل ونزل عليه الملك بالوحي. والرسول من يأتي بشرع على
الابتداء أو بنسخ بعض أحكام شريعة قبله. وزعمت الكرّامية أن الرسالة والنبوة
معنيان قائمان بالرسول والنبيّ غير إرسال الله إياه وغير عصمته وغير معجزته.
وفرقوا بين الرسول والمرسل بأن قالوا : إنّ الرسول من فيه ذلك لمعنى ومن كان ذلك
فيه وجب على الله إرساله. والمرسل هو الذي أرسله مرسله. وإذا سئلوا عن المعني الذي
لأجله يكون رسولا لم يصفوه بأكثر من أنه معنى قائم بالرسول غير إرسال الله إياه
وغير عصمته ومعجزته. ولا وجه للكلام معهم في شيء هم لا يعرفون معناه.
المسألة الثانية من
هذا الأصل
في جواز بعثة الرسل
وتكليف العباد
الخلاف في هذا مع
البراهمة الذين جحدوا الرسل وأثبتوا التكليف من جهة العقول والخواطر وأبطلوا
الفرائض السمعية وزعموا أن قلب كل عاقل لا يخلو من خاطرين أحدهما : من قبل الله
ينبهه على ما يوجبه عقله. والآخر من جهة الشيطان يدعوه إلى معصية الخاطر الأول ،
وقالوا : إنما مكّن الله الشيطان من إلقاء
__________________