تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) [مريم : ٤٨]كما أنه كان يؤكد ضلاله عند ما استغفر له في قوله : (وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ) [الشعراء : ٨٦].
أما الآية الكريمة المستشهد بها (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) فقد تكون واردة في السياق العام للاستغفار ، وربما يؤكد ذلك أنه ابتدأ بالغفران لنفسه مع أنه معصوم بلحاظ مقام النبوّة أوّلا ، وبلحاظ واقع سيرته المعصومة فإنه لم يرد فيها أيّ ذنب أو خطأ ، بل إن حديث الله عنه يدل على هذه العصمة المتحرّكة في كل حياته. إن تكرار كلمة الأب في القرآن والتركيز على ذكر اسمه يوحيان بأن إبراهيم عليهالسلام كان يتكلم مع والده الذي كان يتكلم معه من الموقع الفوقي الذي يتكلم فيه الأب مع ولده ، والله العالم (١).
(أَصْناماً) : الأصنام : جمع صنم ، والصنم ما كان صورة ، والوثن ما كان غير مصوّر ، قال الراغب : الصنم جثّة متخذة من فضة أو نحاس أو خشب كانوا يعبدونها متقربين بها إلى الله تعالى ، وجمعه أصنام ... قال بعض الحكماء : كل ما عبد من دون الله بل كل ما يشغل عن الله تعالى يقال له صنم (٢).
(آلِهَةً) : جمع إله ، وهو المعبود. جعلوه اسما لكل معبود لهم وكذا الذات ، وسمّوا الشمس إلاهة لاتخاذهم إياها معبودا. قال الراغب : وإله
__________________
(١) ينقل الطبري في جامع البيان عن مجاهد أنه قال : ان آزر لم يكن والد إبراهيم [تفسير الطبري ، م : ٥ ، ج: ٧ ، ص : ٣١٦]. وقال الألوسي في روح المعاني : إن الشيعة ليسوا وحدهم الذين يعتقدون أن آزر لم يكن والد إبراهيم بل إن كثيرا من علماء المذاهب الأخرى يرون أن آزر عم إبراهيم وينقل السيوطي عن الفخر الرازي في كتابه أسرار التنزيل : إن والدي رسول الله موحدون ولم يكونوا مشركين أبدا ، وينقل أن هناك روايات تقول : إن آباء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم موحدون وكانوا حتى آدم كان كل واحد منهم أفضل زمانه. وهناك رواية عن أبي بصير عن أبي عبد الله جعفر الصادق عليهالسلام عما قال : آزر عم إبراهيم ، فإذا صح ذلك كله فاننا نلتزم بالمسألة من خلال الروايات لا من خلال القرآن الكريم كما جاء في الميزان [راجع ، تفسير الميزان ، ج : ٤ ، ص : ٤٠١].
(٢) مفردات الراغب ، ص : ٢٩٥.