(شَنَآنُ قَوْمٍ) وبغضهم وعداوتهم ، (عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا) فتشهدوا عليهم بغير الحق أو تحكموا عليهم بالباطل ، (اعْدِلُوا) مع أعدائكم وأصدقائكم (هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) ، فالعدل يلتقي مع خط التقوى الّذي يراقب فيه الإنسان ربّه ولا يراقب غيره مهما كانت صفته في حياته ، (وَاتَّقُوا اللهَ) في الالتزام بهذا الخط في جميع مجالات حياتكم ، فلا تدعوا العلاقات السلبيّة والإيجابيّة تؤثر على طريقتكم في الحكم والشهادة ، ولا تغفلوا عمّا توحيه فكرة الإيمان من الحقيقة الإلهيّة ، (إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ).
وهذا ما يميز المجتمع المسلم في أفراده ، سواء على مستوى الحكم أو العلاقة والمعاملة ، فالإيمان يمثّل الضمانة الحقيقة الّتي يقدّمها لكل الّذين يلتقون معه في العقيدة أو يختلفون معه فيها ، فلا مجال ـ مع الإسلام ـ للظلم حتّى للأعداء ، لأنّ قضيّة العداوة تخضع لأوضاع ومواقف معيّنة تفرض نوعا من السلوك السلبي الّذي لا يمكن أن يبتعد عن الموازين والقوانين الشرعيّة ، الّتي تعتبر أنّ للعداوة مساحة لا يمكن أن يتعداها الإنسان المؤمن ، وهي مساحة الحقوق الّتي اكتسبها هذا العدو أو ذلك ، من خلال المواثيق والمعاهدات ، أو من خلال الأحكام الشرعيّة الّتي أنزلها الله مما يحترم فيه بعض جوانبه الإنسانيّة. وبناء على ذلك ، يجب على القائمين على شؤون التربية الإسلاميّة التأكيد على هذا الجانب في بناء شخصيّة الإنسان المسلم والابتعاد به عن الانفعالات الحادّة الّتي قد توحي بها العداوة كي لا ينحرف عن الخط المستقيم ، وذلك من أجل بناء مجتمع سليم عادل على أساس تركيز الفرد المسلم العادل ، وتلك مهمةٌ صعبةٌ في واقع المجتمع المنحرف القائم على قواعد الانفعالات الّتي تثيرها العلاقات السلبية ولإيجابيّة ، ولكنّها الصعوبات الّتي تنتظر الدعاة إلى الله الأدلّاء على سبيله ، ليكونوا في مستوى مسئوليّة الإيمان والحياة.
* * *