القرآن وتعدّد الزوجات .. إشكالات وردود
ولكننا لا نجد في ذلك كله مصدر خلل في تقييم التشريع الإسلامي في تعدد الزوجات ، لأننا نحاول ـ في تقييمنا لأيّ حكم شرعيّ ـ أن ندرس حساب المصالح والمفاسد والمضار والمنافع ؛ فإذا غلب جانب المصلحة والمنفعة على جانب المفسدة والمضرّة ، كان المفروض فيه أن يكون في خط الإيجاب ؛ وإذا غلب جانب المفسدة والمضرّة على جانب المصلحة والمنفعة ، كان اللازم أن يكون في خط السلب ، لأن الأحكام ـ حسب اعتقادنا ـ تابعة للمصالح والمفاسد الغالبة في مواردها ، فلا يكفي في سلبية حكم ما أن يحتوي نقطة ضعف ، بل لا بد أن تكون بدرجة غالبة على نقطة القوة فيه ، وذلك ما نستوحيه من قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) [البقرة : ٢١٩] وفي ضوء ذلك ، نجد أن وجود السلبيات في موارد الأحكام لا يفرض إلغاء الحكم ، بل لا بد من إثبات ارتفاع نسبتها على نسبة الإيجابيات.
وعلى هذا الأساس ، يمكننا أن نضع أيدينا على طبيعة هذه المسألة ، لنرى كيف تلتقي الإيجابيات بالسلبيات في عملية مقارنة ، لننتهي إلى النتيجة المطلوبة. فقد ذكر الباحثون عدة حالات تفرض المصلحة في تشريع التعدد.
* * *
الأسباب الموجبة لتشريع تعدّد الزوجات
أولا : لأن الوحدة قد تكون مدعاة للانحراف.
منها : إن التعدد قد يكون حاجة طبيعية ـ في بعض الحالات ـ عند بعض الأشخاص ، مما يجعل الوحدة مدعاة للانحراف ؛ كما قد نواجهه عند