لأن هذه الفقرة تتحدث عن انطلاق التناسل منهما ، باعتبارهما المصدر الأول ، من دون تعرّض لما حدث بعدهما في خصوصية التزاوج ؛ فلا ظهور لها من هذه الجهة نفيا أو إثباتا.
وربما يتساءل البعض ما إذا كان من الممكن إثارة هذا الموضوع من زاوية أخرى ، غير جهة الاستظهار من الآية ، وهي أن بداية التناسل في الطبقة الثانية ، إذا كانت إنسانية بجميع عناصرها ، كانت القضية منطلقة من زواج الأخ بأخته؟ وهذا أمر مرفوض في الشرائع السماوية ، بل ربما يحاول البعض أن يعتبر الموضوع غير وارد حتى لدى الحيوانات.
والجواب على ذلك :
أن قضية شرعية أية علاقة زوجية وعدم شرعيتها خاضعة لحركة التشريع من ناحية التحليل والتحريم ، من دون أية عوامل ذاتية أو فطرية. وفي ضوء ذلك ، ترتكز الحالة النفسية المضادّة على عناصر التربية ، في ما يلتقي عليه الناس من قيم سلبية مستندة إلى التشريع.
وإذا درسنا طريقة التشريعات السماوية ، فإننا نرى هناك قضايا محرّمة في الشرائع السابقة ، جاءت الشرائع اللاحقة بتحليلها ؛ كما يوحي بذلك ما نقله الله لنا عن عيسى عليهالسلام ، في قوله الذي نقله القرآن عنه : (وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ) [آل عمران : ٥٠] ، وربما كانت هذه الأمور على العكس من ذلك ، في طروء التحريم بعد التحليل ؛ ولعلّ الأساس في هذا الاختلاف هو انطلاق الأحكام من المصالح والمفاسد المحدودة بحدود الزمان والمكان ، والظروف الموضوعية المحيطة بالمسألة المتغيّرة ، تبعا للعوامل المتنوّعة المؤثرة. وهذا هو الذي انطلق منه مبدأ النسخ في التشريع ، في داخل الشريعة الواحدة أو في نطاق الشرائع المتعددة.