فقلت للفزاري :
حدّثني عنكم حين أقبلتم مع الحسين بن عليّ.
قال : كنّا مع
زهير بن القين البجلي حين أقبلنا من مكّة نساير الحسين ، فلم يكن شيء أبغض إلينا
من أن نسايره في منزل ، فإذا سار الحسين تخلّف زهير بن القين ، وإذا نزل الحسين
تقدّم زهير ، حتّى نزلنا يومئذ في منزل لم نجد بُدّاً من أن ننازله فيه ، فنزل
الحسين في جانب ونزلنا في جانب ، فبينا نحن جلوس نتغدّى من طعام لنا ، إذ أقبل
رسول الحسين حتّى سلّم ، ثمّ دخل فقال : يا زهير بن القين! إنّ أبا عبد الله
الحسين بن عليّ بعثني إليك لتأتيه.
قال : فطرح كلّ
إنسان ما في يده حتّى كأنّنا على رؤوسنا الطير.
قال أبو محنف :
فحدّثتني دلهم بنت عمرو امرأة زهير بن القين ، قالت : فقلت له : أيبعث إليك ابن
رسول الله ثمّ لا تأتيه؟! سبحان الله! لو أتيته فسمعت من كلامه ثمّ انصرفت؟!
قالت : فأتاه زهير
بن القين ، فما لبث أن جاء مستبشراً قد أسفر وجهه ، قالت : فأمر بفسطاطه وثقله
ومتاعه فقُدِّم وحمل إلى الحسين ، ثمّ قال لامرأته : أنت طالق ، إلحقي بأهلك!
فإنّي لا أُحبّ أن يصيبك من سببي إلّا خير.
ثمّ قال لأصحابه :
من أحبّ منكم أن يتبعني وإلّا فإنّه آخر العهد ، إنّي سأُحدّثكم حديثاً ؛ غزونا
بلنجر ، ففتح الله علينا ، وأصبنا غنائم ، فقال لنا سلمان الباهلي : أفرحتم بما
فتح الله عليكم وأصبتم من الغنائم؟
فقلنا : نعم.
فقال لنا : إذا
أدركتم شباب آل محمّد فكونوا أشدّ فرحاً بقتالكم