الدعاء ليعطل ذلك في درجة الفعلية بعد أن تكون الشأنية الذاتية مقتضية له ، لتكون المسألة أن الله جعلها أسبابا لو لا الدعاء ، حيث يأخذ الدعاء دور المانع عن تأثير المقتضي في المقتضى.
وقد يشير إلى ذلك الحديث المروي عن الإمام جعفر الصادق عليهالسلام الذي رواه إسحاق بن عمار قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : «إن الله ليدفع بالدعاء الأمر الذي علمه أن يدعى له فيستجيب ، ولو لا ما وفق العبد من ذلك الدعاء لأصابه منه ما يجثه (١) من جديد (٢) الأرض»(٣).
ويؤكد ذلك الحديث المروي عن أبي ولاد قال : قال أبو الحسن موسى الكاظم عليهالسلام : عليكم بالدعاء فإن الدعاء لله والطلب إلى الله يرد البلاء. وقد قدّر وقضي ولم يبق إلا إمضاؤه ، فإذا دعي الله ـ عزوجل ـ وسئل ، صرف البلاء صرفه (٤).
ثاني هذه الملاحظات : إن الدعاء وسيلة من وسائل التحذير الذاتي ، الذي يدفع الإنسان إلى الكسل والتواكل والابتعاد عن الأخذ بالأسباب الطبيعة في الأشياء ، وعن الانفتاح على حركة الحياة من أجل تنميتها وتقويتها وتطويرها ، ويبتعد بالإنسان عن عالم الحس إلى عالم الغيب ، ليكون غيبيا في وعيه للحياة بالإضافة إلى كونه غيبيا في ما وراءها.
ونجيب عن ذلك بأن دراسة الأحاديث الواردة في الحث على الدعاء توحي بأنه ليس بديلا عن الأخذ بالأسباب الطبيعية المقدورة للإنسان في الوصول إلى أهدافه وحاجاته ، لأن مورده هو الحالات التي لا يملك فيها
__________________
(١) يجثه : يقتلعه وينتزعه ، وكناية عن الإهلاك.
(٢) جديد الأرض : وجهها.
(٣) الكافي ، ج : ٢ ، ص : ٤٧٠ ، رواية : ٩.
(٤) م. ن. ، ج : ٢ ، ص : ٤٧٠ ، رواية : ٨.