أصبحت جزءا من هذا الدين أو ذاك ، مما يختلف عن خصوصيات الدين الإسلامي الذي جاء به النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، (قُلْ) يا محمد ، أو من يقف مثل هذا الموقف في ساحة المواجهة من المسلمين : (بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) التي تمثل الملّة المستقيمة على منهج الله في امتداد وحيه ، المائلة عن كل الاتجاهات الباطلة من الأديان المنحرفة بسبب الأهواء والأغراض والأطماع الإنسانية ... ومن المبادئ التي أبدعها الإنسان من فكره الذاتي وتجربته الشخصية مما لا علاقة له بالله ورسله.
وقد اختلف المفسرون في تفسير «الحنيفية» التي هي (مِلَّةَ إِبْراهِيمَ) بين تفسير يحصرها في دائرة تشريع معين ، وبين قائل : بأنها حجّ البيت كما عن ابن عباس والحسن ومجاهد (١) ، وبين قائل : إنها الطهارة وهي عشرة : خمسة في الرأس ، وخمسة في البدن ، فأما التي في الرأس فأخذ الشارب وإعفاء اللحى وطمّ الشعر «جزّه وتوفيره» والسواك والخلال ، وأما التي في البدن ، فأخذ الشهر من البدن والختان وقلم الأظفار والغسل من الجنابة والطهور بالماء ، وهي الحنيفية الطاهرة التي جاء بها إبراهيم فلم تنسخ ولن تنسخ إلى يوم القيامة ، كما عن تفسير القمي (٢) ، وبين تفسير يتسع بها إلى أي موقع يمثل «اتباع الحق» أو ينفتح بها على الإخلاص لله وحده في الإقرار بالربوبية والإذعان بالعبودية ، مما يختزن في داخل مفهومه كل المفردات التي تفرضها حركة العبودية في الإنسان أمام الربوبية الإلهية.
وهناك القول الذي يتسع لكل الشريعة التي جاء بها إبراهيم عليهالسلام ، مما يتصل بالحياة الروحية العقيدية أو الحياة العملية السلوكية ، وكما جاء عن الإمام محمد الباقر عليهالسلام : «ما أبقت الحنيفية شيئا ، حتى أن منها قص
__________________
(١) مجمع البيان ، ج : ١ ، ص : ٤٠٣.
(٢) نقلا عن : تفسير الميزان ، ج : ١ ، ص : ٣١٠.