المرتكزات الفكرية التي استندوا إليها في ما اختاروه وساروا عليه ، فقد يكتشفون أنهم لا يملكون عقلا ، ولا ينفتحون على هدى ، بل ربما كانت عقول الأبناء أكثر انفتاحا وقوة من عقول الآباء ، فكيف يتبع العاقل من لا عقل له ، وكيف يسير الضال وراء من لا هدى له؟!
إنه سؤال للتحدي وللمعرفة وللوصول بالقضية إلى الموقف الإنساني الذي ينطلق من البعد المعرفي للإنسان في حياته وفي حركة الانتماء عنده.
* * *
بين الحق والصلات العاطفية
وهكذا نرى أنّ القرآن يريد أن يقرر للإنسان المنهج في الوصول إلى القناعات الفكرية ، ويريد أن يثير قضية الارتباط بالآباء كنموذج من نماذج الضغوط العاطفية التي تضغط على الإنسان لتقوده إلى الخضوع للخط الذي يسير عليه الأشخاص الذين يرتبط بهم عاطفيا ، سواء كانوا آباء أو أبناء أو أصدقاء أو غيرهم ممن تشدهم إليهم الصلات العاطفية الحميمة. تلك هي القضية. إن الصلات العاطفية لا تعني الحق ، ولا تمثل التبرير للارتباط الفكري ، مهما كانت الظروف والأوضاع والأشخاص. لأن هذه «الظاهرة الآبائية» التي تضغط على الوجدان العام في الجانب الفكري مما اختزنه الآباء من أفكار ، أو في الجانب الشعوري مما عاشوه من مشاعر العداوة والصداقة والحب والبغض ، لا تمثل أي بعد عقلاني في الاختيار الإنساني ، باعتبار أن المسألة العاطفية في الرابطة الإنسانية قد تتدخل في بعض العلاقات الذاتية في نطاق العلاقات الاجتماعية أو الذكريات التاريخية من خلال الأجواء الحميمة التي تترك آثارها في النفس. أمّا المسائل الفكرية فإنها تتحرك من موقع الأسس