تحليل؟ فهذا ما نوضحه بالتحليل الآتي ، وخلاصته : أن القرآن الكريم قد انطلق ليعالج قضية التوحيد بطريقة جذرية حاسمة ، في مقابل فكرة الشرك التي ترتكز على تعدد الآلهة انطلاقا من القدرات التي تتخيلها لهم ، سواء في ذلك الآلهة الذين يتحركون في الحياة بصورة بشر ، أو الذين يتمثلون في بعض الظواهر الكونية العظيمة كالشمس والقمر والكواكب ، أو الأصنام الجامدة التي يصنعها الناس من الحجر وغيره. وبذلك ، كانت فكرة الشرك خاضعة لهذا التصور المنحرف الخيالي.
فأراد القرآن الكريم أن يعزل كل موجود في الكون عن أية قدرة من القدرات التي تتمثل في حركة الكون نفسها أو في حركة الإنسان في الكون ، ليجعل القدرة بيد الله وحده ، باعتبار أنه خالق كل شيء ومسبّب كل سبب ، وليوحي لنا ، بأن هذه القوى التي نشاهدها ، لا تمثل إلا حركة موجّهة في إطار القوة الأساسية التي تحكم هذه القوى بوسائلها وقوانينها المودعة فيها.
وبذلك ، كانت نسبة الأفعال إلى الله للإيحاء الدائم بوجوده خلف كل شيء ، ومع كل شيء ، ولكن لا على أساس مباشر يلغي عملية الاختيار للإنسان أو يسلبه حرية الإرادة. إنها النسبة التي تحتفظ لله بالإطار العام للقوة في كل ما في الكون من مظاهر الوجود ، ولكنها لا تسلب الإنسان القدرة الذاتية التي تتحرك داخل الإطار العام. وبهذا نفهم كيف ينطلق القرآن لينسب الضلال والهدى والخير والشر والرزق والحياة والمرض والصحة وغيرها إلى الله مع أنها تتحرك من خلال الأسباب الطبيعية في وجودها العملي بطريقة مباشرة.
ولعل هذا الاتجاه هو الاتجاه السليم في طريقة التعبير في الآية الكريمة.
وربما علّل إسناد الختم إلى الله بأنه عقوبة لهم على كفرهم كما جاء في الآية الكريمة : (فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) [الصف : ٥] ، وقوله تعالى : (وَما