(فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (٨٤) وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (٨٥) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ (٨٦) وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) (٨٧)
____________________________________
(فَما أَغْنى عَنْهُمْ) ولم يدفع عنهم ما نزل بهم (ما كانُوا يَكْسِبُونَ) من بناء البيوت الوثيقة والأموال الوافرة والعدد المتكاثرة وفيه تهكم بهم والفاء لترتيب عدم الإغناء الخاص بوقت نزول العذاب حسبما كانوا ٨٥ يرجونه لا عدم الإغناء المطلق فإنه أمر مستمر (وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ) أى إلا خلقا ملتبسا بالحق والحكمة والمصلحة بحيث لا يلائم استمرار الفساد واستقرار الشرور ولذلك اقتضت الحكمة إهلاك أمثال هؤلاء دفعا لفسادهم وإرشادا لمن بقى إلى الصلاح أو إلا بسبب* العدل والإنصاف يوم الجزاء على الأعمال كما ينبىء عنه قوله تعالى (وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ) فينتقم الله تعالى* لك فيها ممن كذبك (فَاصْفَحِ) أى أعرض عنهم (الصَّفْحَ الْجَمِيلَ) إعراضا جميلا وتحمل أذيتهم ولا تعجل بالانتقام منهم وعاملهم معاملة الصفوح الحليم وقيل هى منسوخة بآية السيف (إِنَّ رَبَّكَ) الذى يبلغك* إلى غاية الكمال (هُوَ الْخَلَّاقُ) لك ولهم ولسائر الموجودات على الإطلاق (الْعَلِيمُ) بأحوالك وأحوالهم بتفاصيلها فلا يخفى عليه شىء مما جرى بينك وبينهم فهو حقيق بأن تكل جميع الأمور إليه ليحكم بينكم أو هو الذى خلقكم وعلم تفاصيل أحوالكم وقد علم أن الصفح اليوم أصلح إلى أن يكون السيف أصلح فهو تعليل للأمر بالصفح على التقديرين وفى مصحف عثمان وأبى رضى الله تعالى عنهما هو الخالق وهو صالح للقليل والكثير والخلاق مختص بالكثير (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً) سبع آيات وهى الفاتحة وعليه عمر وعلى وابن مسعود وأبو هريرة رضى الله تعالى عنهم والحسن وأبو العالية ومجاهد والضحاك وسعيد ابن جبير وقتادة رحمهمالله تعالى وقيل سبع سور وهى الطوال التى سابعتها الأنفال والتوبة فإنهما فى حكم سورة واحدة ولذلك لم يفصل بينهما بالتسمية وقيل يونس أو الحواميم السبع وقيل الصحائف السبع* وهى الأسباع (مِنَ الْمَثانِي) بيان للسبع من التثنية وهى التكرير فإن كان المراد الفاتحة وهو الظاهر فتسميتها مثانى لتكرر قراءتها فى الصلاة وأما تكرر قراءتها فى غير الصلاة كما قيل فليس بحيث يكون مدار للتسمية ولأنها تثنى بما يقرأ بعدها فى الصلاة وأما تكرر نزولها فلا يكون وجها للتسمية لأنها كانت مسماة بهذا الاسم قبل نزولها الثانى إذ السورة مكية بالاتفاق وإن كان المراد غيرها من السور فوجه كونها من المثانى أن كلا من ذلك تكرر قراءته وألفاظة أو قصصه ومواعظه أو من الثناء لاشتماله على ما هو ثناء على الله واحدتها مثناة أو مثنية صفة للآية وأما الصحائف وهى الأسباع فلما وقع فيها من تكرير القصص