(هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ) (٥٢)
____________________________________
على تقدير كونه معطوفا على (تُبَدَّلُ) والضمير للخلق وقوله (وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ) الخ اعتراض بين المتعلق والمتعلق به أى برزوا للحساب ليجزى الله كل نفس مطيعة أو عاصية ما كسبت من خير أو شر وقد* اكتفى بذكر عقاب العصاة تعويلا على شهادة الحال لا سيما مع ملاحظة سبق الرحمة الواسعة (إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) إذ لا يشغله شأن عن شأن فيتمه فى أعجل ما يكون من الزمان فيوفى الجزاء بحسبه أو سريع المجىء يأتى عن قريب أو سريع الانتقام كما قال ابن عباس رضى الله عنهما فى قوله تعالى (وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ) (هذا) أى ما ذكر من قوله سبحانه (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً) إلى (سَرِيعُ الْحِسابِ (بَلاغٌ) كفاية فى العظة والتذكير من غير حاجة إلى ما انطوى عليه السورة الكريمة أو كل القرآن المجيد من فنون* العظات والقوارع (لِلنَّاسِ) للكفار خاصة على تقدير اختصاص الإنذار بهم فى قوله تعالى (وَأَنْذِرِ النَّاسَ) أولهم وللمؤمنين كافة على تقدير شموله لهم أيضا وإن كان ما شرح مختصا بالظالمين (وَلِيُنْذَرُوا بِهِ) عطف على مقدر واللام متعلقة بالبلاغ أى كفاية لهم فى أن ينصحوا وينذروا به أو هذا بلاغ لهم ليفهموه ولينذروا به على أن البلاغ بمعنى الإبلاغ كما فى قوله تعالى (ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ) أو متعلقة بمحذوف أى* ولينذروا به أنزل أو تلى وقرىء لينذروا به من نذر بالشىء إذا علمه وحذره واستعد له (وَلِيَعْلَمُوا) بالتأمل* فيما فيه من الدلائل الواضحة التى هى إهلاك الأمم وإسكان آخرين مساكنهم وغيرهما مما سبق ولحق (أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ) لا شريك له وتقديم الإنذار لأنه الداعى إلى التأمل المؤدى إلى ما هو غاية له من العلم* المذكور والتذكر فى قوله تعالى (وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ) أى ليتذكروا ما كانوا يعملونه من قبل من التوحيد وغيره من شئون الله عزوجل ومعاملته مع عباده فيرتدعوا عما يرديهم من الصفات التى ينصف بها الكفار ويتدرعوا بما يحظيهم من العقائد الحقة والأعمال الصالحة وفى تخصيص التذكر بأولى الألباب تلويح باختصاص العلم بالكفار ودلالة على أن المشار إليه بهذا ما ذكرنا من القوارع المسوقة لشأنهم لا كل السورة المشتملة عليها وعلى ما سيق للمؤمنين أيضا فإن فيه ما يفيدهم فائدة جديدة وحيث كان ما يفيده البلاغ من التوحيد وما يترتب عليه من الأحكام بالنسبة إلى الكفرة أمرا حادثا وبالنسبة إلى أولى الألباب الثبات على ذلك حسبما أشير إليه عبر عن الأول بالعلم وعن الثانى بالتذكر وروعى ترتيب الوجود مع ما فيه من الختم بالحسنى والله سبحانه أعلم ختم الله لنا بالسعادة والحسنى ورزقنا الفوز بمرضاته فى الأولى والعقبى آمين. عن النبى صلىاللهعليهوسلم من قرأ سورة إبراهيم أعطى من الأجر عشر حسنات بعدد من عبد الأصنام ومن لم يعبده والحمد لله وحده.