(فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً فَإِذا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَما عَلَّمَكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (٢٣٩) وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)(٢٤٠)
____________________________________
(فَإِنْ خِفْتُمْ) أى من عدو أو غيره (فَرِجالاً) جمع راجل كقيام وقائم أو رجل بمعنى راجل وقرىء بضم الراء مع التخفيف وبضمها مع التشديد أيضا وقرىء فرجلا أى راجلا (أَوْ رُكْباناً) جمع راكب أى فصلوا راجلين أو راكبين حسبما يقتضيه الحال ولا تخلوا بها ما أمكن الوقوف فى الجملة وقد جوز الشافعى رحمهالله أداءها حال المسايفة أيضا (فَإِذا أَمِنْتُمْ) بزوال الخوف (فَاذْكُرُوا اللهَ) أى فصلوا صلاة الأمن عبر عنها بالذكر لأنه معظم أركانها (كَما عَلَّمَكُمْ) متعلق بمحذوف وقع وصفا لمصدر محذوف أى ذكرا كائنا كما علمكم أى كتعليمه إياكم (ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) من كيفية الصلاة والمراد بالتشبيه أن تكون الصلاة المؤداة موافقة لما علمه الله تعالى وإيرادها بذلك العنوان لتذكير النعمة أو اشكروا الله تعالى شكرا يوازى تعليمه إياكم ما لم تكونوا تعلمونه من الشرائع والأحكام التى من جملتها كيفية إقامة الصلاة حالتى الخوف والأمن هذا وفى إيراد الشرطية الأولى بكلمة أن المفيدة لمشكوكية وقوع الخوف وندرته وتصدير الشرطية الثانية بكلمة إذا المنبئة عن تحقق وقوع الأمن وكثرته مع الإيجاز فى جواب الأولى والإطناب فى جواب الثانية المبنيين على تنزيل مقام وقوع المأمور به فيهما منزلة مقام وقوع الأمر تنزيلا مستدعيا لإجراه مقتضى المقام الأول فى كل منهما مجرى مقتضى المقام الثانى من الجزالة ولطف الاعتبار ما فيه عبرة لأولى الأبصار (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً) عود إلى بيان بقية الأحكام المفصلة فيما سلف إثر بيان أحكام وسطت بينهما لما أشير إليه من الحكمة الداعية إلى ذلك (وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ) أى يوصون أو ليوصوا أو كتب الله عليهم وصية ويؤيد هذا قراءة من قرأ كتب عليكم الوصية لأزواجكم وقرىء بالرفع على تقدير مضاف فى المبتدأ أو الخبر أى حكم الذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم أو والذين يتوفون أهل وصية لأزواجهم أو كتب عليهم وصية أو عليهم وصية وقرىء متاع لأزواجهم بدل وصية (مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ) منصوب بيوصون إن أضمرته وإلا فبالوصية أو بمتاع على القراءة الأخيرة (غَيْرَ إِخْراجٍ) بدل منه أو مصدر مؤكد كما فى قولك هذا القول غير ما تقول أو حال من أزواجهم أى غير مخرجات والمعنى يجب على الذين يتوفون أن يوصوا قبل الاحتضار لأزواجهم بأن يمتعن بعدهم حولا بالنفقة والسكنى وكان ذلك أول الإسلام ثم نسخت المدة بقوله تعالى (أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) فإنه وإن كان متقدما فى التلاوة متأخر فى النزول وسقطت النفقة بتوريثها الربع أو الثمن وكذلك السكنى عندنا وعند الشافعى هى باقية (فَإِنْ خَرَجْنَ) عن منزل الأزواج باختيارهن (فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ) أيها الأئمة (فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ) لا ينكره الشرع كالتزين والتطيب وترك الحداد والتعرض للخطاب وفيه دلالة على أن المحظور إخراجها عند إرادة القرار وملازمة مسكن الزوج والحداد من غير أن يجب