فقال عليهالسلام : (لي عملي ولكم عملكم وانتم بريئون مما أعمل وأنا بريئون مما تعملون). أجل انه عليهالسلام ممن إذا خاطبه الجاهلون قال سلاما ، وكيف لا يكون له عمل الصالحين وأوصياء النبيين ، ولهم عمل المفسدين وخلفاء الشياطين.
فعرفت عندها أن التقوى بألسن عبيد الدنيا الماكرين هي السكوت عن معالم الدين حتى تمحق بأيدي الجبارين بمشهد ومنظر من فقهاء السلاطين وان الجماعة هي الكثرة التي تنعق مع الناعقين التي ذمها الكتاب المجيد في كثير من الآي المبين وان العصا التي لا يجوز شقها هي عصا المنافقين والظالمين.
وعرفت أيضا أن المتسلط على الرقاب يكون أميرا للمؤمنين ولو كان في فعله وقوله يجسّد خطى الفراعنة الطاغين وان المخالف له من البغاة المرتدين ولو كان محمدا سيد المرسلين صلىاللهعليهوآله.
فيا لها من عظيم مدرسة يدرّس فيها الشياطين دروس حق بأعين أبناء الدنيا الغافلين. ثم رحت انظر كتابا لعمرو بن سعيد يعيذ فيه الحسين بن علي عليهماالسلام من الشقاق بأعين الجبارين الذي هو شقاق لعبيد الدنيا وجمع الخونة والماكرين المتلبسين بلباس الدين فلما انقضى ذلك الكتاب تأملت بعد ذلك كتابا آخر أجاب به الحسين عليهالسلام جمع الظالمين والانتهازيين على طول تاريخ البشر قائلا : أما بعد فانه لم يشاقق الله ورسوله من دعا الى الله عزوجل وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين.
ولما رأى ابن سعيد كما هو ديدن الظلمة الماكرين أن التهديد لا يثني الحسين عليهالسلام عن عزمه وان حجته لا تقاوم حجج الحسين عليهالسلام حاول أن يدخل من باب آخر مكرا وخداعا وهو باب الترغيب واعطاء الامان.