قال : ثمّ سكت فلم يجبه عن ذلك ، فانصرف عنه الحسين ، وهو يقول : «مالك ، ذبحك الله على فراشك سريعا عاجلا ، ولا غفر لك يوم حشرك ونشرك ، فو الله ، إني لأرجو أن لا تأكل من برّ العراق إلّا يسيرا» ، فقال له عمر : يا أبا عبد الله! في الشعير عوض عن البر ، ثمّ رجع عمر إلى معسكره.
ثمّ إنه ورد عليه كتاب من ابن زياد يؤنّبه ويضعفه ، ويقول : ما هذه المطاولة؟ انظر إن بايع الحسين وأصحابه ، ونزلوا عند حكمي ، فابعث بهم إليّ سلما ، وإن أبوا ذلك ، فازحف إليهم حتى تقتلهم وتمثل بهم ، فإنهم لذلك مستحقون ، فإذا قتلت الحسين فأوطئ الخيل ظهره وبطنه ، فإنه عاق شاق قاطع ظلوم ، فإذا فعلت ذلك جزيناك جزاء السامع المطيع ، وإن أبيت ذلك فاعتزل خيلنا وجندنا ، وسلّم الجند والعسكر إلى شمر بن ذي الجوشن فإنّه أشد منك حزما ، وأمضى منك عزما.
وقال غيره : إن عبيد الله بن زياد دعا «حويزة بن يزيد التميمي» وقال : إذا وصلت بكتابي الى عمر بن سعد ، فإن قام من ساعته لمحاربة الحسين فذاك ، وإن لم يقم فخذه وقيده ، واندب «شهر بن حوشب» ليكون أميرا على النّاس ، فوصل الكتاب ، وكان في الكتاب : إني لم أبعثك يا ابن سعد لمنادمة الحسين ، فإذا أتاك كتابي ، فخيّر الحسين بين أن يأتي إليّ ، وبين أن تقاتله ، فقام عمر بن سعد من ساعته ، وأخبر الحسين بذلك ، فقال له الحسين عليهالسلام : «أخّرني إلى غد» ـ وسيأتي هذا الحديث فيما بعد إن شاء الله ـ ، ثمّ قال عمر بن سعد للرسول : اشهد لي عند الأمير أني امتثلت أمره.
عدنا الى ـ الحديث الأول ـ ، فلما طوى الكتاب وختمه ، وثب رجل ، يقال له : «عبد الله بن المحل بن حرام العامري» ، فقال له : أصلح الله الأمير!