خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعه الله بها درجة ، وحطّ بها عنه خطيئة ، فإذا صلّى لم تزل الملائكة تصلّى عليه مادام في مصلّاه الذي صلى فيه : اللهم صل عليه ، اللهم ارحمه ، ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة.
الآية الثالثة ـ قوله تعالى (١) : (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ).
فيها خمس مسائل :
المسألة الأولى ـ كلام العرب على أوضاع : منها الخطب ، والسّجع ، والأراجيز ، والأمثال ، والأشعار. وكان النبي صلّى الله عليه وسلم أفصح بنى آدم (٢) ، ولكنه حجب عنه الشعر ، لما كان الله قد ادّخر من جعل فصاحة القرآن معجزة له ، ودلالة على صدقه ، لما هو عليه من أسلوب البلاغة وعجيب الفصاحة الخارجة عن أنواع كلام العرب اللسن البلغاء الفصح المتشدّقين اللدّ ، كما سلب عنه الكتابة (٣) وأبقاه على حكم الأمية ، تحقيقا لهذه الحالة ، وتأكيدا لها ، وذلك قوله : (وَما يَنْبَغِي لَهُ) ، لأجل معجزته التي بينّا أنّ صفتها من صفته ، ثم هي زيادة (٤) عظمى على رتبته.
المسألة الثانية ـ قد بينا فيما سبق من أوضاعنا في الأصول وجه إعجاز القرآن وخروجه عن أنواع كلام العرب ، وخصوصا عن وزن الشعر ، ولذلك (٥) قال أخو أبى ذرّ لأبى ذر : لقد وضعت قوله على أقوال الشعراء فلم يكن عليها ، ولا دخل في بحور العروض الخمسة عشر ، ولا في زيادات المتأخرين عليها ، لأنّ تلك البحور تخرج من خمس دائر : إحداها ـ دائرة المختلف ينفكّ منها ثلاثة أبحر : وهي الطويل ، والمديد ، والبسيط ، ثم تتشعب عليها زيادات كلها منفكّة.
الدائرة الثانية ـ دائرة المؤتلف ينفك منها بحر الوافر ، والكامل ، ثم يزيد عليها زيادات لا تخرج عنها.
__________________
(١) آية ٦٩.
(٢) في ش : ولد.
(٣) في ش : الكتاب.
(٤) في ا : بزيادة.
(٥) في ش : وكذلك. (٢ ـ أحكام ـ ٤).