والرّغام ـ بضم الراء ـ يرجع إلى الرّغام بفتحها ؛ لأنّ من كره رجلا قصد ذلّه ، وأن يكبّه الله على وجهه ، حتى يقع أنفه على الرّغام ، وهو التراب ، فضرب المثل به ، حتى يقال : أرغم الله أنفه ، وافعل كذا وإن رغم أنفه ، ثم سمّى بعد ذلك الأنف وما يسيل منه به.
وتحقيقه أنّ اللفظة ترجع إلى الرّغام ـ بفتح الراء.
المعنى : ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مكانا للذهاب ، وضرب التراب له مثلا ؛ لأنه أسهل أنواع الأرض.
المسألة الثالثة ـ قوله تعالى : (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ) ، وقد تقدم بيانه في سورة البقرة.
المسألة الرابعة ـ في السفر في الأرض :
تتعدّد أقسامه من جهات مختلفات ، فتنقسم من جهة المقصود به إلى هرب أو طلب. وتنقسم من جهة الأحكام إلى خمسة أقسام ، وهي ـ من أحكام أفعال المكلفين الشرعية : واجب ، ومندوب ، ومباح ، ومكروه ، وحرام.
وينقسم من جهة التنويع في المقاصد إلى أقسام :
الأول ـ الهجرة ، وهي تنقسم إلى ستة أقسام : الأول الخروج من دار الحرب إلى دار الإسلام ؛ وكانت فرضا في أيام النبىّ صلّى الله عليه وسلّم مع غيرها من أنواعها بينّاها في شرح الحديث ، وهذه الهجرة باقية مفروضة إلى يوم القيامة ، والتي انقطعت بالفتح هي القصد إلى النبىّ صلّى الله عليه وسلّم حيث كان ، [فمن] (١) أسلم في دار الحرب وجب عليه الخروج إلى دار الإسلام ، فإن بقي فقد عصى ، ويختلف في حاله كما تقدم بيانه.
الثاني ـ الخروج من أرض البدعة. قال ابن القاسم : سمعت مالكا يقول : لا يحلّ لأحد أن يقيم ببلد (٢) سبّ فيها السلف.
وهذا صحيح ؛ فإنّ المنكر إذا لم يقدر على تغييره نزل (٣) عنه ، قال الله تعالى (٤) : (وَإِذا
__________________
(١) من ل.
(٢) في ل : بأرض.
(٣) في ا : فزل.
(٤) سورة الأنعام ، آية ٦٨