وهو على هذه الحال ، فأنكر عليه أشدّ الإنكار بعد أن علم أنّ الرّأس هو رأس الحسين ، وقال له فيما قال : هل سمعت يا يزيد! حديث كنسية الحافر؟
قال : وما هيّ؟.
قال الرّومي : عندنا مكان يقال بأنّ حمار عيسى عليهالسلام مرّ به ، فبنينا فيه كنيسة الحافر (١) نسبة إلى حافر حمار عيسى عليهالسلام ، ونحن نحجّ إلى المكان في كلّ عام ، ومن كلّ قطر ، ونهدي إليه النّذور ، ونعظمه كما تعظمون كتبكم ، فأشهد أنّك على باطل ، فأمر يزيد بقتل الرّسول. فقام الرّومي إلى الرّأس فقبّله وتشهد الشّهادتين ، ثمّ أخذ ، وصلب على باب القصر! .. (٢).
وقال الأستاذ العقّاد في كتاب «أبو الشّهداء» ، تحت عنوان الحرم المقدّس : «عرفت قديما باسم كور بابل ثمّ صحفّت إلى كربلاء ، فجعلها التّصحيف عرضة لتصحيف آخر يجمع بين الكرب والبلاء ، كما وسمها بعض الشّعراء.
ولم يكن لها ما تذكر به في أقرب جيرة لها فضلا عن أرجاء الدّنيا البعيدة منها ... فليس لها من موقعها ، ولا من تربتها ، ولا من حوادثها ما يغري أحدا
__________________
(١) بين عمّان والصّين بحر مسيرة سنة ليس فيها عمران إلّا بلدة واحدة في وسط الماء طولها ثمانون فرسخا في ثمانين ما على وجه الأرض بلدة أكبر منها. ومنها يحمل الكافور والياقوت ، أشجارهم العود والعنبر ، وهي في أيدي النّصارى لا ملك لأحد من الملوك فيها سواهم ، وفي تلك البلدة كنائس كثيرة أعظمها كنيسة الحافر في محرابها حقّة ذهب معلقة ، فيها حافر يقولون إنّ هذا حافر حمار كان يركبه عيسى ، وقد زينوا حول الحقّة بالذّهب والدّيباج ، يقصدها في كلّ عام عالم من النّصارى ، ويطوفون حولها ، ويقبّلونها ، ويرفعون حوائجهم إلى الله تعالى. (منه قدسسره).
(٢) انظر ، نور العين في مشهد الحسين للإسفراييني : ٨٠ ، نهج الإيمان لابن جبر : ٦١٠ ، الصّواعق المحرقة : ١١٩ ، مثير الأحزان : ٨٢ ، مقتل الحسين لأبي مخنف الأزدي : ٢٢٩ ، اللهوف في قتلى الطّفوف : ١١١.