أيضا نهى ابن سعد
أصحابه أن يبرزوا لأصحاب الحسين رجلا رجلا» .
وليس هذا بعجيب
ولا بغريب على من لا يبتغي شيئا في هذه الحياة إلّا وجه الله والدّار الآخرة ، ليس
هذا غريبا على الحقّ إذا نازل الباطل ، وعلى من سمع بعقله وقلبه صوت الله يناديه
إقدم ، ولك أحسن الجزاء. لقد عبّر كل شهيد في الطّفّ بأفعاله قبل أقواله عمّا قاله
سيّد الشّهداء : «أما والله لا اجيبهم إلى شيء ممّا يريدون ، حتّى ألقى الله تعالى
، وأنا مخضّب بدمي» .
لم يكن المال
والأمان من أهداف أبطال الطّفّ ، لم يكن لهم إلّا هدف واحد ، يفتدونه بكلّ ما غلا
وعز ، ويستعذبون في سبيله كلّ شيء حتّى الموت ، ليس لأصحاب الحسين إلّا هدف واحد
لا غير هو التّقرب إلى الله بنصرة العترة الطّاهرة ، ولا وسيلة إلى نصرتهم في هذا
الموقف إلّا بذل النّفوس ، والإلتجاء إلى السّيوف ، فرحوا يحطمون الفرسان بسيوفهم
يمينا وشمالا ويلقون بأنفسهم على الموت ، لا يحول بينهم وبين المنيّة حائل ، وما
زادهم الحصار ، والجوع ، والعطش إلّا بسالة ومضاء.
ولم تكن لأصحاب
الحسين هذه الشّجاعة والإستهانة بالموت ، ولا هذه العاطفة السّامية والمعاني
النّبيلة لو لا إيمانهم بالله وبالحسين. إنّ الإخلاص للحقّ يبعث في النّفوس
البطولة والتّضحية ، والعزم والصّراحة. وهذا ما يجعلنا نشكّك
__________________