تستر واستخفاء من عبيد الله وتواصوا بالكتمان ، وألحّ عبيد الله في طلب مسلم ولا يعلم اين هو ، وكان شريك بن الأعور الهمداني لما جاء من البصرة مع عبيد الله بن زياد نزل دار هاني فمرض ، وكان شريك من محبي أمير المؤمنين عليهالسلام وشيعته عظيم المنزلة جليل القدر ، فأرسل اليه ابن زياد انه يريد ان يعوده ، فقال شريك لمسلم : ان هذا الفاجر عائدي فادخل بعض الخزائن فاذا جلس أخرج اليه فاقتله ، ثم أقعد في القصر ليس أحد يحول بينك وبينه ، فان برئت سرت الى البصرة حتى اكفيك أمرها وعلامتك ان أقول اسقوني ماء ونهاه هاني عن ذلك. وكان مسلم شجاعا مقداما جسورا ، فلما دخل عبيد الله على شريك وسأله عن وجعه وطال سؤاله جعل يقول اسقوني ماء ، فلما رأى ان أحدا لا يخرج خشي ان يفوته فأخذ يقول :
ما الانتظار بسلمى ان تحييها |
|
كأس المنية بالتعجيل اسقوها |
فتوهم ابن زياد وخرج ، فلما خرج دخل مسلم والسيف في كفه فقال له شريك : ما منعك من قتله؟ قال هممت بالخروج فتعلقت بي امرأة وقالت لي نشدتك الله ان قتلت ابن زياد في دارنا وبكت في وجهي فرميت السيف وجلست ، فقال هاني : يا ويلها قتلتني وقتلت نفسها والذي فرت منه وقعت فيه. وفي رواية انه قال : منعني من قتله خصلتان؟ كراهية هاني ان يقتل في داره ، وحديث ان الايمان قيد الفتك ، فقال له هاني : أما والله لو قتلته لقتلت فاسقا فاجرا كافرا.
ولما خفي على ابن زياد حديث مسلم دعى مولى له يقال له معقل فأعطاه ثلاثة آلاف أو أربعة آلاف درهم وأمره بحسن التوصل الى أصحاب مسلم ، وان يدفع اليهم المال ويقول لهم استعينوا به على حرب عدوكم ويعلمهم انه من أهل حمص ويظهر لهم انه منهم ، وقال له : انك لو قد أعطيتهم المال اطمأنوا اليك ووثقوا بك ، فتردد اليهم حتى تعرف مقر مسلم