أن أبا محمد عبد الله بن زيدان البجلي (١) خرج معه معلما ، وكان أحد فرسان أصحابه. وقد لقيته أنا وكتبت عنه ، وكنت أرى فيه [من] الحذر والتوقي من كثير من الناس ، ما يدل على صدق ما ذكر عنه.
* * *
وما بلغني أن أحدا ممن قتل في الدولة العباسية من آل أبي طالب رثى بأكثر مما رثى به يحيى [ولا قيل فيه الشعر بأكثر] مما قيل فيه (٢).
واتفق في وقت مقتله عدة شعراء محيدون للقول [أولوا هوى] في هذا المذهب ، إلّا أنني ذكرت بعض ذلك كراهية الإطالة.
فمنه قول علي بن العباس الرومي (٣) يرثيه ، وهي من مختار ما رثى به ، بل إن قلت إنها عين ذلك والمنظور إليه لم أكن مبعدا ، لو لا أنه أفسدها بأن جاوز الحد وأغرق في النزع ، وتعدى المقدار بسب مواليه من بني العباس ، وقوله فيهم من الباطل ما لا يجوز لأحد أن يقوله ، وهي :
أمامك فانظر أيّ نهجيك تنهج |
|
طريقان شتّى مستقيم وأعوج (٤) |
ألا أيّهذا الناس طال ضريركم |
|
بآل رسول الله فاخشوا أو ارتجوا (٥) |
أكلّ أوان للنّبي محمد |
|
قتيل زكيّ بالدّماء مضرّج (٦) |
تبيعون فيه الدّين شرّ أئمة |
|
فلله دين الله قد كاد يمرج (٧) |
لقد ألحجوكم في حبائل فتنة |
|
وللملحجوكم في الحبائل ألحج (٨) |
__________________
(١) في الخطية «أبا محمد عبد الله بن يزيد العجلي».
(٢) راجع ابن الأثير ٧ / ٤٤ ومروج الذهب ٢ / ٢٩١ ـ ٢٩٢.
(٣) ولد ابن الرومي في رجب سنة إحدى وعشرين ومائتين ببغداد ، وتوفي بها سنة ثلاث وثمانين ومائتين ، راجع ترجمته في ابن خلكان ١ / ٣٥١ وديوانه المطبوع ٢ / ٤٦ ـ ٥٤ والمخطوط ص ٤١٤.
(٤) تنهج : تسلك ، شتى : أي طريقان متباينان أحدهما مستقيم والآخر أعوج.
(٥) الضرير : المضارة.
(٦) في ط وق «أفي كل يوم» الزكي : الصالح ، والمضرج : الملطخ.
(٧) في ط وق «قد كان يمزج» فيه : أي بسبب ، وشر أئمة : يريد بهم خلفاء بني العباس ، ويمرج : يفسد ويضطرب.
(٨) في ط وق «وللملحجيكم ... ألحجوا» ألحجوكم : ادخلوكم وأوقعوكم يقال : لحج في الأمر إذا دخل فيه ونشب ، والحبائل : جمع حبالة وهي المصيدة ، وألحج : أكثر لحجا ، أي أعظم دخولا ووقوعا في شراك الفتنة.