صدقت كلماتنا ، وإن أخضعنا كلماتنا لكلمات الله فزنا بالعلم كله وبالنجاة من الشك والريب وبحسن المسيرة في الحياة إلى مصيرنا الذي حتّمه الحق سبحانه» ، ويقول (١) «إن سائر قوانين المادة ، وقوانين علاقاتنا البشرية بها مذخور هاهنا ، فالكلمة القرآنية ليست كلمة تقال كأي كلمة ولكنها حشد للحياة ، خاضعة لكلمات الله خضوع عبادة لله» ، إن الله هو الذي يمنحنا مصادر الأفكار ومواردها ، فكلماتنا ما لم تخضع له ، إذ نتفكر في آياته ، فهي باطلة ، وليس في وسعنا إذن أن نتكلم فنصدق. ويخلص المؤلف إلى القول (٢) : «إن الحياة كلها لم تعرف كتابا واحدا عدا القرآن قد كشف الحقيقة الشاملة للحياة ليكون هو ، في إحكام كلماته وفي تفصيلاتها ، قد أحاطها بالحياة ، وحكمها حكما شاملا للمادة والأخلاق جميعا».
على أن للمؤلف رأيا لا يمكن تجاهله في إيضاحنا لفهمه للقرآن وتفسيره ، فهو ، بناء على نظريته في الكلمة القرآنية المعجزة ، وتطبيقا لعنوان كتابه «القرآن تفسير الكون والحياة» يجد ، ضمن مفردات تحليله لكلمة تفسير وتأويل الواردة في القرآن ، أن القرآن لا يمكن أن يفسّره أحد مهما بلغ من العلم ، وحتى الرسول صلىاللهعليهوسلم إنما بيّن القرآن بيانا وطبّقه عمليا ولم يفسّر القرآن أو يؤوله رغم أنه مؤيد من الله بأنه (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) [النجم / ٣ ، ٤] ، فكيف يشرح هذه الفكرة بمصطلحاته وصياغاته اللغوية الخاصة؟. يعقد المؤلف فصلا تحت عنوان (أفلا يتدبرون القرآن) يبدأ بسؤال (كيف نفسّر حياتنا في القرآن) ليصل إلى أن العلاقة لمّا كانت بين الإنسان ، وشأنه الخضوع لكتاب الله ، وبين القرآن ، وشأنه حكم كل شيء بكلمات الله ، لذا فمن أراد أن يفهم الحياة أو يفسّرها فلن يتحقق له شيء من ذلك إلا بالقرآن ، فهذا محتاج إلى ربط أنفسنا بالقرآن كلّما تدبرنا القرآن ، ثم ليستنتج (٣) «بأن القرآن حقا هو تفسير الحياة ، ولا يمكن أن يكون للحياة تفسير غير القرآن ، والمقصود بالحياة الكون والحياة معا بل والوجود حاضره وغائبه».
إنه ينعي على التعبير العملي للحياة عجزه عن متابعة متغيراتها ومفاجآتها في كل لحظة (٤) «إذا كانت الحياة الإنسانية كلها تبحث عن لغة للتعبير فلا تجد لأن متغيرات الحياة تفاجئنا كل لحظة بما لم يكن في الحسبان. إن القرآن هو التفسير ، التفسير الوحيد اليقين المطلق لكل شيء للحياة في شمولها وتفصيلها».
__________________
(١) القرآن تفسير الكون والحياة ـ محمّد العفيفي ، ص ٧٨.
(٢) المصدر السابق ، ص ٨٦.
(٣) المصدر السابق ، ص ٢٨٦.
(٤) المصدر السابق ، ص ٢٨٧.