إذن ، فالانحرافات
التي دخلت على تفسيرات القرآن كثيرة ومتنوعة ، ولكن كل هذا ما كان ليضر القرآن
شيئا ، فأخطاء التفسير لا تقدح في القرآن ، وإنما بالمفسرين أنفسهم ، فهم الذين
أخطئوا ، قصدا أو بلا قصد. ويرجع الشيخ خالد العك عوامل هذا الانحراف إلى ثلاثة
عوامل : أولها : فساد نوايا المفسرين لتحقيق غايات نكرة أو مشبوهة ، وثانيها : أن
يعتقد المفسر معنى من المعاني ثم يريد أن يحمل ألفاظ القرآن الكريم على ذلك المعنى
الذي يميل إليه ويعتقده ، وثالثها : أن يفسر القرآن بمجرد ما يسوغ أن يريده بكلامه
ممن كان من الناطقين بلغة العرب ، وذلك بدون نظر إلى غاية المتكلم بالقرآن وهو
الله تعالى ، وإلى المنزّل عليه ، وهو رسول الله ، والمخاطب به وهم الناس جميعا.
ويظهر انحراف التفسير في العامل الأول بسوء النية ، والثاني في حمل الألفاظ
القرآنية على المعنى الذي يميل إليه ، ويعتقده من غير نظر إلى ما تحمله الألفاظ من
المعاني الواضحة ومن الدلالة والبيان ، والعامل الثالث إثبات المعنى الذي يراه
المفسر ، من غير نظر إلى ما يصلح للمتكلم بالقرآن ، وهو الله تعالى والمخاطب به
وسياق الكلام.
إن صور الخطأ في
العامل الثاني يظهر من خلال كون المعنى الذي يريده المفسر صوابا ، غير أن لفظ
القرآن لا يدل عليه ولا يراد منه ، كتفاسير بعض الصوفية والوعاظ الذين يفسرون
القرآن بمعان صحيحة في ذاتها لكنها غير مرادة في النص وإن كان المعنى الظاهر لا
ينافيها ، وقد تظهر صورة الخطأ بأن يكون المعنى الذي يريده المفسر صحيحا لكن ظاهر
النص لا يحتمله ، كتفاسير بعض الصوفية الذين يفسرون القرآن بمعان إشارية صحيحة في
حد ذاتها ، ولكنهم يقولون إن المعاني الظاهرية للآية غير مرادة ، وهو أقرب ما يكون
إلى تفسير الباطنية ، وقد تظهر صور الانحراف بأن يكون المعنى الذي يريده المفسر
خطأ ، وهو مع هذا يحمل عليه لفظ القرآن مع أنه لا يدل عليه ولا يراد منه. وقد تظهر
هذه الصور بأن يكون المعنى الذي يريد المفسر نفيه أو إثباته خطأ بيّنا ، وهو مع
هذا يسلب لفظ القرآن ما يدل عليه ويراد به ويحمله على ذلك الخطأ تعمدا ، وهذه
الصورة تنطبق على أهل البدع والمذاهب الباطلة من الغلاة والمتعصبين.
أما صور الانحراف ،
التي تظهر في العامل الثالث ، فتظهر من خلال أن يكون اللفظ محتملا للمعنى الذي
ذكره المفسّر لغة ، ولكنه غير مراد ، وذلك كاللفظ الذي يطلق في اللغة على معنيين
أو أكثر والمراد منهما واحد بعينه حسب السياق ، فيأتي المفسّر فيحمله على معنى آخر
من معانيه غير المعنى المراد. أو قد يظهر بأن يكون