مهملة وفاء وشين معجمة ـ ما يدنس المنزل من الكناسة وهي كلمة تستعملها في ذلك عوام أهل المغرب وليس كما قال. وجوز أيضا أن يكون (بِأَنَّ رَبَّكَ) إلخ بدلا من (أَخْبارَها) كأنه قيل يومئذ تحدث بأن ربك أوحى لها لأنك تقول حدثته كذا وحدثته بكذا فيصح إبدال (بِأَنَ) إلخ من (أَخْبارَها) وأن أحدهما مجرور والآخر منصوب لأنه يحل محله في بعض الاستعمالات وليس ذلك في الامتناع خلافا لأبي حيان كاستغفرت الذنب العظيم بنصب الذنب وجر العظيم على أنه نعت له باعتبار قولهم : استغفرت من الذنب لأن البدل هو المقصود فهو في قوة عامل آخر بخلاف النعت. نعم هو أيضا خلاف الظاهر وبعد كل ذلك اللائق أن لا يعدل عن المأثور لا سيما إذا صح عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم بقي هاهنا بحث وهو أنهم اختلفوا في نحو : حدثت هل هو متعد إلى مفعول واحد أو إلى أكثر؟ فذهب الزمخشري وغيره ونقل عن سيبويه إلى الثاني وهو عندهم ملحق بأفعال القلوب فينصب مفعولين كحدثت زيدا الخبر ، أو ثلاثة كحدثته عمرا قائما فأخبارها عليه هو المفعول الثاني والمفعول الأول محذوف كما أشرنا إليه ولم يذكر لأنه لا يتعلق بذكره غرض إذا الغرض تهويل اليوم وأنه مما ينطق فيه الجماد بقطع النظر عن المحدث كائنا من كان. وقال الشيخ ابن الحاجب : إنما هو متعدّ لواحد وما جاء بعده لتعين المفعول المطلق فعمرا قائما في حدثت زيدا عمرا قائما منصوب لوقوعه موقع المصدر لا لكونه مفعولا ثانيا وثالثا ولا يقال كيف يصح أن يقع ما ليس بفعل في المعنى أعني عمرا قائما مصدرا لأنه لم يكن مصدرا باعتبار كونه عمرا قائما ولكن باعتبار كونه حديثا مخصوصا فالوجه الذي صحح الإخبار به عن الحديث إذا قلت : حديث زيد عمرو قائم هو الذي صحح وقوعه مصدرا فإخبارها عليه في موقع المفعول والمفعول به محذوف لما تقدم ، بل قال بعضهم : إنك إذا قلت حدثته حديثا أو خبرا فلا نزاع في أنه مفعول مطلق ، والظاهر أن الإخبار في زعمه كذلك وتعقب ذلك في الكشف بأن ما ذكره الشيخ غير مسلم فإنه لم يفرق بين التحديث والحديث والأول هو المفعول المطلق كيف وهو يجر بالباء فتقول : حدثته الخبر وبالخبر ومعلوم أن ما دخل عليه الباء لا يجوز أن يكون مفعولا مطلقا وقد يقال كون الشيخ لم يفرق في حيّز المنع وكيف يخفى مثل ذلك على مثله لكنه قائل بأن أثر المصدر ومتعلقه قد سدّ مسده فيما ذكر كما سد مسده آلته في نحو ضربته سوطا ولعل ما قرره في غير ما دخلته الباء. وقال الطيبي : يمكن أن يقال إن حدث وأخواتها متعديات إلى مفعول واحد حقيقة وجعلها متعديات إلى ثلاثة أو إلى اثنين تجوز أو تضمين لمعنى الإعلام واستأنس له بكلام نقله عن المفصل وكلام نقله عن صاحب الإقليد فتأمل. وقرأ ابن مسعود «تنبئ أخبارها» وسعيد بن جبير «تنبئ» بالتخفيف.
(يَوْمَئِذٍ) أي يوم إذ ما ذكر وهو يقع ظرفا لقوله تعالى (يَصْدُرُ النَّاسُ) يخرجون من قبورهم بعد أن دفنوا فيها إلى موقف الحساب (أَشْتاتاً) متفرقين بحسب طبقاتهم بيض الوجوه آمنين وسود الوجود فزعين وراكبين وماشين ومقيدين بالسلاسل وغير مقيدين. وعن بعض السلف متفرقين إلى سعيد وأسعد وشقي وأشقى.
وقيل : إلى مؤمن وكافر وعن ابن عباس : أهل الإيمان على حدة وأهل كل دين على حدة وجوز أن يكون المراد كل واحد وحده لا ناصر له ولا عاضد كقوله تعالى (وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى) [الأنعام : ٩٤] وقيل متفرقين بحسب الأقطار (لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ) أي ليبصروا جزاء أعمالهم خيرا كان أو شرا فالرؤية بصيرية والكلام على حذف مضاف أو على أنه تجوز بالأعمال عما يتسبب عنها من الجزاء وقدر بعضهم كتب أو صحائف وقال آخر : لا حاجة إلى التأويل والأعمال تجسم نورانية وظلمانية بل يجوز رؤيتها مع عرضيتها وهو كما ترى. وقيل المراد ليعرفوا أعمالهم ويوقفوا عليها تفصيلا عند الحساب فلا يحتاج إلى ما ذكر أيضا. وقال النقاش