حاتم وغيره عن ابن عباس ، وفي رواية أخرى عنه المستقدمين آدم عليهالسلام ومن مضى من ذريته والمستأخرين من في أصلاب الرجال ، وروي مثله عن قتادة ، وعن مجاهد المستقدمين من مضى من الأمم و (الْمُسْتَأْخِرِينَ) أمة محمد صلىاللهعليهوسلم ، وقيل : من تقدم ولادة وموتا ومن تأخر كذلك مطلقا وهو من المناسبة بمكان وروي عن الحسن أنه قال : من سبق إلى الطاعة ومن تأخر فيها ، وروي عن معتمر أنه قال : بلغنا أن الآية في القتال فحدثت أبي فقال : لقد نزلت قبل أن يفرض القتال ، فعلى هذا أخذ الجهاد في عموم الطاعة ليس بشيء ، على أنه ليس في تفسير ذلك بالمستقدمين والمستأخرين فيها كمال مناسبة ، والمراد من علمه تعالى بهؤلاء علمه سبحانه بأحوالهم ، والآية لبيان كمال علمه جل وعلا بعد الاحتجاج على كمال قدرته تعالى فإن ما يدل عليها دليل عليه ضرورة أن القادر على كل شيء لا بد من علمه بما يصنعه وفي تكرير قوله تعالى : (وَلَقَدْ عَلِمْنَا) ما لا يخفى من الدلالة على التأكيد. وأخرج أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة والحاكم وصححه والبيهقي في سننه. وجماعة من طريق أبي الجوزاء عن ابن عباس قال : كانت امرأة تصلي خلف رسول الله صلىاللهعليهوسلم حسناء من أحسن الناس فكان بعض القوم يتقدم حتى يكون في الصف الأول لئلا يراها ويستأخر بعضهم حتى يكون في الصف المؤخر فإذا ركع نظر من تحت إبطيه فأنزل الله تعالى الآية ، وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن أبي الجوزاء أنه قال في الآية ولقد علمنا المستقدمين منكم في الصفوف في الصلاة ولم يذكر من حديث المرأة شيئا ، قال الترمذي : هذا أشبه أن يكون أصح ، وقال الربيع بن أنس : حرض النبي صلىاللهعليهوسلم على الصف الأول في الصلاة فازدحم الناس عليه وكان بنو عذرة دورهم قاصية عن المسجد فقالوا : نبيع دورنا ونشتري دورا قريبة من المسجد فأنزل الله تعالى الآية ، وأنت تعلم أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، ومن هنا قال بعضهم : الأولى الحمل على العموم أي علمنا من اتصف بالتقدم والتأخر في الولادة والموت والإسلام وصفوف الصلاة وغير ذلك (وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ) للجزاء ، وتوسيط الضمير قيل للحصر أي هو سبحانه يحشرهم لا غير ، وقيل عليه : إنه في مثل ذلك يكون الفعل مسلم الثبوت والنزاع في الفاعل وهاهنا ليس كذلك فالوجه جعله لإفادة التقوى. وتعقب بأن هذا في القصر الحقيقي غير مسلم وتصدير الجملة بإن لتحقيق الوعد والتنبيه على ما سبق يدل على صحة الحكم ، وفي الالتفات والتعرض لعنوان الربوبية إشعار بعلته ، وفي الإضافة إلى ضميره صلىاللهعليهوسلم دلالة على اللطف به عليه الصلاة والسلام.
وقرأ الأعمش «يحشرهم» بكسر الشين (إِنَّهُ حَكِيمٌ) بالغ الحكمة متقن في أفعاله. والحكمة عندهم عبارة عن العلم بالأشياء على ما هي عليه والإتيان بالأفعال على ما ينبغي (عَلِيمٌ) وسع علمه كل شيء ، ولعل تقديم وصف الحكمة للإيذان باقتضائها للحشر والجزاء ، وقد نص بعضهم على أن الجملة مستأنفة للتعليل (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ) أي هذا النوع بأن خلقنا أصله وأول فرد من أفراده خلقا بديعا منطويا على خلق سائر أفراده انطواء إجماليا.
(مِنْ صَلْصالٍ) أي طين يابس يصلصل أي يصوت إذا نقر. أخرجه ابن أبي حاتم عن قتادة ونقله في الدر المصون عن أبي عبيدة ونقل عنه أبو حيان أنه قال : هو الطين المخلوط بالرمل وهو رواية عن ابن عباس ، وفي رواية أخرى عنه أنه الطين المرقق الذي يصنع منه الفخار ، وفي أخرى نحو الأول ، وقيل : هو من صلصال إذ أنتن تضعيف صل يقال : صل اللحم وأصل إذا أنتن وهذا النوع من المضعف مصدر يفتح أوله ويكسر كالزلزال
ووزنه عند جمهور البصريين فعلال ، وقال الفراء : وكثير من النحويين فعفع كررت الفاء والعين ولا لام ، وغلطهم في الدر المصون لأن أقل الأصول ثلاثة فاء وعين ولام ، وقال بعض البصريين والكوفيين : فعفل ونسب أيضا إلى الفراء بل قيل هو المشهور عنه ، وعن بعض آخر من الكوفيين أن وزنه فعل بتشديد العين والأصل صلل مثلا فلما اجتمع ثلاثة أمثال أبدل الثاني من جنس