إذن فالأحاديث النبوية والأناجيل شهادات بأفعال مضت ومؤلفي الأناجيل الأربعة المعترف بها كنسيا لم يشهدوا الوقائع التي أخبروا بها والأمر ينطبق على الأحاديث النبوية.
وإن كان جامعوا الأحاديث كالبخاري ومسلم وغيرهما كثير تتبعوا رواة الأحاديث فلان عن فلان عن فلان ... حتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وإذا كان في سلسلة الرواة شخص مشكوك فيه استبعد الحديث أو صنف الحديث كحديث ضعيف أو حسن.
أما الكنيسة فقد حسمت منذ قرونها الأولى وبشكل نهائي بين الأناجيل المتعددة وأعلنت رسمية أربعة منها فقط وأصدرت الأمر بإخفاء الأناجيل الأخرى ومن هنا جاء اسم الأناجيل المزورة.
وهناك فرق جوهري آخر بين المسيحية والإسلام فيما يتعلق بالكتب المقدسة. ونعني بذلك فقدان نصوص الوحي الثابت لدى المسيحية في حين أن الإسلام لديه القرآن الذي هو وحي منزل وثابت معا.
فالقرآن هو الوحي الذي أنزل على محمد صلىاللهعليهوسلم عن طريق جبريل. وقد كتب فور نزوله ويستظهره المؤمنون عند الصلاة وخاصة في شهر رمضان.
فقد أوصى الرسول المؤمنين بحفظ القرآن عن ظهر قلب وبذلك حفظ النص بالكتابة والذاكرة.
وقد رتبت سور القرآن بأمر من محمد صلىاللهعليهوسلم بوحي من الله وجمعت هذه السور فور موت الرسول في عهد أول الخلفاء الراشدين أبو بكر الصديق إذ عهد إلى زيد بن ثابت أول كاتب للرسول صلىاللهعليهوسلم أن يعد نسخة من القرآن في مصحف واحد وقد احتفظ عمر بن الخطاب الذي ولى بعد أبو بكر بهذه النسخة وأعطاه عند موته إلى ابنته حفصة زوج الرسول صلىاللهعليهوسلم.