مع أنّه لا دليل عليه ، وفي المجمع وقال السّدي الآية واردة في الزكاة ثمّ نسخت ببيان مصارف الزكاة. وحينئذ ربما توجّه منافاة ولكن النسخ يحتاج إلى دليل قوى ، وليس ، ولا ضعيفا ، فان وروده في الزكاة غير مشهور ، ولا به رواية عن ثقة ويأباه ظاهر الاية كما لا يخفى ، على أنك قد عرفت وجه الجمع وعدم التنافي.
وفي المجمع عن الحسن هي في التطوّع بدليل باقي الآية ولقوله (وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ) أى عمل صالح إلى هؤلاء أو غيرهم (فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ) فيوفيكم ثوابه ويجازيكم من غير أن يضيع منه شيء وكأنّ ذلك تعميم للجواب أو وتتميم له ، فيفهم أنّ ما ينفقونه من مال فلهؤلاء أولا أو على الأولويّة والأحقية ، وما تفعلوا من إنفاق الخير المذكور وغيره من المعروف لهؤلاء وغيرهم (فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ) فيوفّيهم الأجر من غير نقص ، فيكون فيه ترغيب على تعميم المعروف ، وتوسيع الخلق للخلق وحسن المعاشرة.
ومنها [في البقرة ٢١٩] (يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ.)
قالوا : السائل عمرو بن الجموح : سأل عن النفقة في الجهاد ، وقيل : في الصدقات
(قُلِ الْعَفْوَ) أي أنفقوا العفو أو العفو تنفقون ، أو أنفقوا ، وقرئ بالرفع أي الذي تنفقونه العفو.
وفيه أقوال : أحدها أنّه ما فضل عن الأهل والعيال أو الفضل عن الغنى عن ابن عباس وقتادة ، وثانيها الوسط من غير إسراف ولا اقتار عن الحسن وعطا وهو المرويّ عن أبى عبد الله عليهالسلام ، وثالثها أنّه ما فضل عن قوت السنة عن أبى جعفر عليهالسلام : قال :
ونسخ ذلك بآية الزكاة ، وبه قال السدّي. ورابعها إنه أطيب المال وأفضله كذا في المجمع (١).
والأقوال الأول متقاربة ، ولهذا قال في المعالم قال قتادة وعطا والسديّ هو ما فضل عن الحاجة ، وكانت الصحابة يكسبون المال ويمسكون قدر النفقة ، ويتصدّقون
__________________
(١) المجمع ج ١ ص ٣١٦.