البأس اتّقينا برسول الله صلىاللهعليهوآله فلم يكن أحد منّا أقرب إلى العدو ، يريد إذا اشتدّ الحرب.
(أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا) في الدّين أو واتّباع الحقّ وطلب البرّ أو أعم (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) عن الكذب وغيره من المعاصي ، أو عن الكفر وسائر المعاصي أو والرذائل كما في تفسير القاضي ، أو عن نار جهنّم وسائر العقوبات ، فربّما كان فيه بل في أولئك الّذين صدقوا أيضا دلالة على وجوب ما تقدّم اللهم إلّا أن يحمل الحصر على المبالغة ، أو على أنه بالإضافة إلى أهل الكتاب.
ولعل هذه الدلالة هي مستند المجمع ، وفي هذه الآية دلالة على وجوب إعطاء مال الزكاة المفروضة بلا خلاف فتأمل.
أمّا الحثّ والترغيب وكثرة الفوائد فيها فلا خفاء فيه حتى قيل الآية جامعة للكمالات الإنسانية بأسرها دالّة عليها صريحا أو ضمنا فإنّها بكثرتها وتشعّبها منحصرة في ثلاثة أشياء : صحّة الاعتقاد وحسن المعاشرة وتهذيب النفس ، وقد أشير إلى الأوّل بقوله (مَنْ آمَنَ) إلى (وَالنَّبِيِّينَ) وإلى الثاني بقوله و (آتَى الْمالَ) إلى (وَفِي الرِّقابِ) وإلى الثالث بقوله (وَأَقامَ الصَّلاةَ) إلى آخرها ؛ ولذلك وصف المستجمع لها بالصدق نظرا إلى إيمانه واعتقاده ، وبالتقوى باعتبار معاشرته للخلق ومعاملته مع الحقّ ، وإليه أشار عليهالسلام بقوله من عمل بهذه الآية فقد استكمل الايمان (١).
واستدل أصحابنا بهذه الآية على أنّ المعنىّ بها أمير المؤمنين عليهالسلام لأنّه لا خلاف بين الأمّة أنّه كان جامعا لهذه الخصال ، فهو مراد بها قطعا ، ولا قطع على كون غيره جامعا ولهذا قال الزّجاج والفراء انها مخصوصة بالأنبياء المعصومين ، لأن هذه الأشياء لا يؤديها بكلّيتها على حق الواجب فيها إلّا الأنبياء كذا في المجمع (٢) فلعلّ المراد أنه عليهالسلام هو المعنيّ بها من امة النبيّ صلىاللهعليهوآله قطعا فافهم.
__________________
(١) أخرجه البيضاوي ج ١ ص ٢١٣ ط مصطفى محمد.
(٢) انظر المجمع ج ١ ص ٢٦٤.