فصل
في نبذ من خبره مع الخوارج
لما سار علي رضي الله عنه إلى قتال الخوارج بالنهروان (١). قال له عفيف بن قيس :
يا أمير المؤمنين لا تخرج في هذه الساعة. فإنها لعدوك عليك. فقال علي :
(إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٢). ثم تمم المسير إليهم فطحن أكثرهم طحنا.
ولما قال ذو الثدية حرقوص بن زهير (٣) : والله ما نريد بقتالك إلا وجه الله. قرأ : (هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً (١٠٣) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) (٤). ثم قال : منهم أهل النهروان ورب الكعبة.
فصل
في ذكر مقتله ووصيته
لما قدم من حرب الخوارج ، استقبله الناس يهنئونه بالظفر. فلما نزل دخل المسجد الأعظم ، فصلى ركعتين. ثم صعد المنبر فخطب ، فأوجز (٥) ثم ضرب بيده على لحيته وهي
__________________
(١) النهروان : قال ياقوت عنها هي ثلاث نهروانات الأعلى والأوسط والأسفل ، وهي كورة واسعة بين بغداد وواسط من الجانب الشرقي حدها الأعلى متصل ببغداد. وكان بها وقعة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب مع الخوارج مشهورة. معجم البلدان ٤ / ٨٤٧.
(٢) هود : ٥٦.
(٣) في الأصل : الندبة ، وهو حرقوص بن زهير المعروف بذي الثدية رأس من رؤوس الخوارج قتله الإمام علي في النهروان.
انظر : الإصابة ١ / ٤٧٢.
(٤) الكهف : ١٠٣ ، ١٠٤.
(٥) في الأصل : (فأوجس).