(فَذَكِّرْ) بعد ما استتب لك الأمر. (إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى) لعل هذه الشرطية إنما جاءت بعد تكرير التذكير وحصول اليأس من البعض لئلا يتعب نفسه ويتلهف عليهم كقوله : (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ) الآية ، أو لذم المذكرين واستبعاد تأثير الذكرى فيهم ، أو للإشعار بأن التذكير إنما يجب إذا ظن نفعه ولذلك أمر بالإعراض عمن تولى.
(سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى) سيتعظ وينتفع بها من يخشى الله تعالى بأن يتأمل فيها فيعلم حقيقتها ، وهو يتناول العارف والمتردد.
(وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (١١) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى (١٢) ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى)(١٣)
(وَيَتَجَنَّبُهَا) ويتجنب (الذِّكْرى). (الْأَشْقَى) الكافر فإنه أشقى من الفاسق ، أو (الْأَشْقَى) من الكفرة لتوغله في الكفر.
(الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى) نار جهنم فإنه عليه الصلاة والسلام قال «ناركم هذه جزء من سبعين جزأ من نار جهنم» ، أو ما في الدرك الأسفل منها.
(ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها) فيستريح. (وَلا يَحْيى) حياة تنفعه.
(قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (١٥) بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا (١٦) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى)(١٧)
(قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى) تطهر من الكفر والمعصية ، أو تكثر من التقوى من الزكاء ، أو تطهر للصلاة أو أدى الزكاة.
(وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ) بقلبه ولسانه (فَصَلَّى) كقوله : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) ويجوز أن يراد بالذكر تكبيرة التحريم ، وقيل (تَزَكَّى) تصدق للفطر (وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ) كبره يوم العيد (فَصَلَّى) صلاته.
(بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا) فلا تفعلون ما يسعدكم في الآخرة ، والخطاب للأشقين على الالتفات أو على إضمار قل ، أو للكل فإن السعي للدنيا أكثر في الجملة ، وقرأ أبو عمرو بالياء.
(وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى) فإن نعيمها ملذ بالذات خالص عن الغوائل لا انقطاع له.
(إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى (١٨) صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى)(١٩)
(إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى) الإشارة إلى ما سبق من (قَدْ أَفْلَحَ) فإنه جامع أمر الديانة وخلاصة الكتب المنزلة.
(صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى) بدل من الصحف الأولى.
قال صلىاللهعليهوسلم «من قرأ سورة الأعلى أعطاه الله عشر حسنات بعدد كل حرف أنزله الله على إبراهيم وموسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام».