عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً (٦) وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً)(٧)
(لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها) علة بما بعده لما دل عليه قوله : (وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) من معنى التدبير ، أي دبر ما دبر من تسليط المؤمنين ليعرفوا نعمة الله فيه ويشكروها فيدخلهم الجنة ويعذب الكفار والمنافقين لما غاظهم من ذلك ، أو (فَتَحْنا) أو (أَنْزَلَ) أو جميع ما ذكر أو (لِيَزْدادُوا) ، وقيل إنه بدل منه بدل الاشتمال. (وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ) يغطيها ولا يظهرها. (وَكانَ ذلِكَ) أي الإدخال والتكفير. (عِنْدَ اللهِ فَوْزاً عَظِيماً) لأنه منتهى ما يطلب من جلب نفع أو دفع ضر ، وعند حال من الفوز.
(وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ) عطف على «يدخل» إلا إذا جعلته بدلا فيكون عطفا على المبدل منه. (الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ) ظن الأمر السوء وهو أن لا ينصر رسوله والمؤمنين. (عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ) دائرة ما يظنونه ويتربصونه بالمؤمنين لا يتخطاهم ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو (دائِرَةُ السَّوْءِ) بالضم وهما لغتان ، غير أن المفتوح غلب في أن يضاف إليه ما يراد ذمه والمضموم جرى مجرى الشر وكلاهما في الأصل مصدر (وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ) عطف لما استحقوه في الآخرة على ما استوجبوه في الدنيا ، والواو في الأخيرين والموضع موضع الفاء إذ اللعن سبب للإعداد ، والغضب سبب له لاستقلال الكل في الوعيد بلا اعتبار السببية. (وَساءَتْ مَصِيراً) جهنم. (وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً).
(إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (٨) لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً)(٩)
(إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً) على أمتك. (وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً) على الطاعة والمعصية.
(لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) الخطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم والأمة ، أو لهم على أن خطابه منزل منزلة خطابهم. (وَتُعَزِّرُوهُ) وتقووه بتقوية دينه ورسوله (وَتُوَقِّرُوهُ) وتعظموه. (وَتُسَبِّحُوهُ) وتنزهوه أو تصلوا له. (بُكْرَةً وَأَصِيلاً) غدوة وعشيا أو دائما. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو الأفعال الأربعة بالياء ، وقرئ «تعزروه» بسكون العين و «تعزروه» بفتح التاء وضم الزاي وكسرها و «تعززوه» بالزاءين «وتوقروه» من أوقره بمعنى وقره.
(إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً)(١٠)
(إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ) لأنه المقصود ببيعته. (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) حال أو استئناف مؤكد له على سبيل التخييل. (فَمَنْ نَكَثَ) نقض العهد. (فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ) فلا يعود ضرر نكثه إلا عليه. (وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ) في مبايعته (فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) هو الجنة ، وقرئ «عهد» وقرأ حفص (عَلَيْهُ) بضم الهاء وابن كثير ونافع وابن عامر وروح فسنؤتيه بالنون. والآية نزلت في بيعة الرضوان.
(سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرابِ شَغَلَتْنا أَمْوالُنا وَأَهْلُونا فَاسْتَغْفِرْ لَنا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرادَ بِكُمْ نَفْعاً بَلْ كانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً)(١١)
(سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرابِ) هم أسلم وجهينة ومزينة وغفار استنفرهم رسول اللهصلىاللهعليهوسلم عام