وَجُنُودَهُما) بالرفع.
(وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٧) فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما كانُوا خاطِئِينَ)(٨)
(وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى) بإلهام أو رؤيا. (أَنْ أَرْضِعِيهِ) ما أمكنك إخفاؤه. (فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ) بأن يحس به. (فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِ) في البحر يريد النيل. (وَلا تَخافِي) عليه ضيعة ولا شدة. (وَلا تَحْزَنِي) لفراقه. (إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ) عن قريب بحيث تأمنين عليه. (وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) روي أنها لما ضربها الطلق دعت قابلة من الموكلات بحبالى بني إسرائيل فعالجتها ، فلما وقع موسى على الأرض هالها نور بين عينيه وارتعشت مفاصلها ودخل حبه في قلبها بحيث منعها من السعاية ، فأرضعته ثلاثة أشهر ثم ألح فرعون في طلب المواليد واجتهد العيون في تفحصها فأخذت له تابوتا فقذفته في النيل.
(فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً) تعليل لالتقاطهم إياه بما هو عاقبته ومؤداه تشبيها له بالغرض الحامل عليه. وقرأ حمزة والكسائي (وَحَزَناً). (إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما كانُوا خاطِئِينَ) في كل شيء فليس ببدع منهم أن قتلوا ألوفا لأجله ثم أخذوه يربونه ليكبر ويفعل بهم ما كانوا يحذرون ، أو مذنبين فعاقبهم الله تعالى بأن ربي عدوهم على أيديهم ، فالجملة اعتراض لتأكيد خطئهم أو لبيان الموجب لما ابتلوا به ، وقرئ «خاطين» تخفيف (خاطِئِينَ) أو «خاطين» الصواب إلى الخطأ.
(وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ)(٩)
(وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ) أي لفرعون حين أخرجته من التابوت. (قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ) هو قرة عين لنا لأنهما لما رأياه أخرج من التابوت أحباه ، أو لأنه كانت له ابنة برصاء وعالجها الأطباء بريق حيوان بحري يشبه الإنسان فلطخت برصها بريقه فبرئت ، وفي الحديث أنه قال : لك لا لي. ولو قال هو لي كما هو لك لهداه الله كما هداها. (لا تَقْتُلُوهُ) خطاب بلفظ الجمع للتعظيم. (عَسى أَنْ يَنْفَعَنا) فإن فيه مخايل اليمن ودلائل النفع ، وذلك لما رأت من نور بين عينيه وارتضاعه إبهامه لبنا وبرء البرصاء بريقه. (أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً) أو نتبناه فإنه أهل له. (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) حال من الملتقطين أو من القائلة والمقول له أي وهم لا يشعرون أنهم على الخطأ في التقاطه أو في طمع النفع منه والتبني له ، أو من أحد ضميري نتخذه على أن الضمير للناس أي (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) أنه لغيرنا وقد تبنيناه.
(وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ(١٠) وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ)(١١)
(وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً) صفرا من العقل لما دهمها من الخوف والحيرة حين سمعت بوقوعه في يد فرعون كقوله تعالى : (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ) أي خلاء لا عقول فيها ، ويؤيده أنه قرئ «فرغا» من قولهم دماؤهم بينهم فرغ أي هدر ، أو من الهم لفرط وثوقها بوعد الله تعالى أو سماعها أن فرعون عطف عليه وتبناه. (إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ) أنها كادت لتظهر بموسى أي بأمره وقصته من فرط الضجر أو الفرح لتبنيه. (لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها) بالصبر والثبات. (لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) من المصدقين بوعد الله ، أو من الواثقين