الشرط الأول : أن
يكون فعل الله أو ما يقوم مقامه من المتروك ، وإنما اشترط ذلك لأن التصديق من الله
تعالى لا يحصل بما ليس من قبله ، وقولنا : أو ما يقوم مقامه ليتناول التعريف مثل
ما إذا قال : معجزتي أن أضع يدي على رأسي وأنتم لا تقدرون عليه ففعل وعجزوا ، فإنه
معجز دال على صدقه ، ومعنى المتروك ، أي عدم الفعل ، كعدم إحراق النار لسيدنا
إبراهيم عليهالسلام.
الثاني : أن يكون
المعجز خارقا للعادة ، إذ لا إعجاز دونه ، فإن المعجز ينزل من الله منزلة التصديق
بالقول ، وما لا يكون خارقا للعادة بل معتادا ، كطلوع الشمس في كل يوم ، وبدوّ
الأزهار في كل ربيع ، فإنه لا يدل على الصدق لمساواة غيره إياه في ذلك.
الثالث : أن يتعذر
معارضته ، فإن ذلك حقيقة الإعجاز.
الرابع : أن يكون
ظاهرا على يد مدعي النبوة.
الخامس : أن يكون
موافقا للدعوى ، فلو قال : معجزتي أن أحي ميتا ففعل خارقا آخر كنتق الجبل مثلا لم
يدل على صدقه.
السادس : أن لا
يكون ما دعاه وأظهره من المعجزة مكذبا له فلو قال : معجزتي أن ينطق هذا الضب فقال
: إنه كاذب ، لم يعلم به صدقه بل ازداد اعتقاد كذبه.
السابع : أن لا
يكون المعجز متقدما على الدعوى بل مقارنا لها ، لأن المعجز تصديق من الله ورسوله
فلا يتصور أن يأتي التصديق قبل دعوى النبوة .
وتجدر الإشارة إلى
أهم صفات المعجزة في القرآن الكريم ، حيث إنها من لدن الحق عزوجل والله سبحانه وتعالى يؤيد بها رسله لتكون آية على صدق
دعواهم ، وبرهانا ساطعا على أن ما أتوا به هو من عند الله ، ودورهم هو التبليغ
والبيان ، فلا يملك رسول من الرسل قدرة على إيجاد المعجزة من تلقاء نفسه ، ولا
يستطيع خرق ناموس من نواميس الحياة بقوة ذاتية تصدر من كيانه إلا بأمر الله
ومشيئته ، وهذا المعنى نطق به كتاب الله تعالى في غير ما موضع ، من ذلك على سبيل
المثال ، قول الله تعالى على لسان عيسى بن مريم عليهالسلام : (وَرَسُولاً إِلى
بَنِي إِسْرائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ
لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً
بِإِذْنِ اللهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ
__________________